اليوم السابع
إلى الشريف محجوب:
إلى الشريف محجوب:
أيها
الإنسان بأكثر مما تحتمل الروح
ثروت
همّت
أنتَ
تعلم أن هذا النوع من الجرح والذي خَلَّفتَهُ لا يندمل، لا ينطوي ولا يَنحَسِر، لا
يتقهقر ولا يتبعثر ليُخَفِّف من ثِقله المُوَحَّد في ذاكرةٍ منكوبة وروح هشة، وإنما
يَتَخَلَّق ويَخلِق فقاعات مطاطية سوداء داخل البشري؛ تستوطن مباهجه ومكامن سروره،
يتكاثر فتتوالد الالآم، يتَفَشَّى ويُفشِي وحدته اللعينة في جنبات روح بن آدم
المغلوب على أمر وحشته. وعلى أمر اخفاقات الطبيعة العصية والخارجة عن إرادته.
هذا
الفقد مضني، لن تَجفَّ بِرَكه السوداء الموحلة المضمحلة المبهمة المخيفة الجاحظة
المممتلئة بالجماجم المهشمة الخاوية التي تعصف بداخلها الريح فتسمع صفير عزرائيل
ينادي بصوته المفزع ويرمي شباكه ليتصيد فقط الخيرين أبناء.
طعم
الفراغ عالق في دواخل كل من قاسمك هذا الوجود والمرحلة الزمنية، فقد فَتقَ الفؤاد
وأطاح بجنبات الطمأنينة داخل كل من تظلل بظلال انسانيتك الوارفة.
رحيلك
يا محجوب غواية للعدم، ومضمار للتآويل، عدمٌ فَتَكَ بصخب الحياة وأدمى الروح،
وتأويلٌ لفداحة العيش ولعبثية الوجود الإنساني.
الروح
محترقة، الروح سُحبت بحبالٍ غليظة، الروح عُلِّقت على حواف صليبٍ ناري، ومريم
تستوي على احتراق فلذة كبدها؛ الروح خُدشت بأظافر ملتاثة، الروح اغُتصبت بهلعٍ
يتباهى متبختراً بنرجسيته وبالمغالاة في فحولةٍ مشتهاة.
الروح
وجرحها، الروح وإدراكها، الروح و عجزها، الروح ومواتها؛ وكما تعلم فإن جراح الروح
لا تغادر تستعمر أفئدتنا، جراح الروح لعينة كما الفقد وكما الرحيل وهواجس استحالة
الرؤيا.
و"كل
الجروح بتروح اللا الّتي في الروح".
يا
لروحي... يااااا لروحي المغلوبة على قلبٍ ينبض بلا دراية أو غَواية للقادم
المستقبلي.
مغلولة
يداي عن الكتابة، تواقة روحي لهمسك ووصاياك التي جادت علي بصبرٍ وتصابر لِتَحَمّل
تباريح منفاي وعزلتي.
مغلولة
يداي وعليلة راحتي. مغلولة يداي يا رؤوف يا نصير المرأة ووالد كل النساء، يا من
كنت سند لجميعهن يا حميهن يالمحتفي بهن، سيفتقدن رأفتك أيما افتقاد. يا والد
اليتامى يا واهب المحتاحين يا دخر كل من تلظى بقساوة العجز، يا قِبلة كل زي عوز.
روحي
مغلولة بغلال المباغتة، بصدمة التلاشي. صراخي مختنق بصخرة محدبة في حلقي، دموعي
تحجرت من هول الفقد حروفي تَنَّحَت عن حوجتي في البوح وحقي الطبيعي في التعبير.
محجوب
شريف:
فالتحتفي
بك السموات في علاها والأرض في طياتها .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اللوحة: بورتريه محجوب شريف للفنان حسن موسى
أزال المؤلف هذا التعليق.
ردحذفأزال المؤلف هذا التعليق.
ردحذفIbrahim Jaffar9 أبريل، 2014 4:12 ص
ردحذفوأيُّ تعليقٌ ممكنٌ هنا، يا ثرَّوتة، سوى الصمتِ المتأمّل الشجي؟ لنا ما يُجيءُ، يا صديقتي، إذ نحنُ- في قول النور عثمان أبّكر المحيي- "عفّةُ الذي من عقيق الفجر لا من الدماء عمره" ونأمل أن لا نكن، بذات لغة "الشاعر الذي يغني الذات والحضارة" [النور عثمان أبّكر]، "غير ما هزيم رعد الصحو جمره". تسلمين يا مرتعشة بالفقدِ، وبالإنسانِ فيكْ.
صديقك: إبراهيم جعفر