التخطي إلى المحتوى الرئيسي

المشاركات

عرض المشاركات من نوفمبر, ٢٠١٥

السوائل الخائنة

السوائل الخائِنة مأمون التلب 2009م وكلما تغلّبت وجوهٌ على أخرى، تقلَّبت هموم عيونها وكَشَفت ما لم يُرى. بدروبٍ لا تُفضي إلى مكانٍ وجَّهَتِ الجدرانُ أيامَ جمودها إليك خَسَفت أقمارها وتوجَّعَت من أشعِّة شموسها وسمَّت الفضاء قلباً يعدّ خطوات حياتك بفارغ القَتل. إنك منهم، الذين لا يقفون على وجه قبرٍ إلا ليحوّلوا ترابه سماءً طافية على ملامح وجه الميِّت؛ سماءٌ لم تَعتَرِف بها دياناتٌ ولم يقاتل لأجلها أحد، إنها السماء التي نَطَقَتْهَا شَفَتَاك بلا طيور. لدمعتك، لكلِّ سائلٍ هائلٍ خانَكَ وظَهَرَ، نخبُ انحناءٍ كاملٍ لقوّةِ العالم؛ لهيكله السائر في الصحراء مُشبّعاً بالماء، ووجود العطش ممحوّاً بكلّ من أساءَ إليك، وجود السراب مُتوّجاً بكلّ من لمح جوهرك. بوجهه المُختار بعناية انهزامات الضعف البشريّ، يُقلّب عضلاتهِ، مُفرزاً أمام كلّ شيءٍ قدرته على التحوّل، إنه يقهر الأسماء، ظنَّ البشر بأن الجماد جاهلٌ بوجوده، وبمن يهدّدُ جُمودهُ. يلمس الأحياء بعنق زهرةٍ نابتةٍ لا تتباهى بعطرها، وبمن تَفَشَّى قبح أحلامه أمام الجميع، يلمس الأحياء بمن نام ليمنح أحلامه قدر

رَامبُو والطاقة الذرّية - هِنري ميللر - تنقيبات طينيَّة (9)

تنقيبات طينيَّة (9) رَامبُو والطاقة الذرّية هِنري ميللر مقدّمة طينيّة: يقول هنري ميلر إنه اكتشف الشاعر آرثر رامبو متأخّراً جدّاً: (كم كنتُ مصيباً عندما أجّلت الاكتشاف الحقيقي لرامبو)! وأقول: كم كنتُ محقّاً عندما أجّلت اكتشافي الحقيقي لكليهما؛ فقد وَقَعَت الأعمال الشعريّة الكاملة لآرثر رامبو بين يديَّ قبل شهور، وبالضبط قبل رحلتي الاستكشافيّة الأولى لجنوب كردفان، جنّة من جنان السودان العذراء؛ حيث الحرب لا تزال تدور، والجمال لا يزالُ خارقاً، بدائيّاً، فائراً بالإلهام والعاطفة الصافية المتدفّقة، مثل شلالات الجبال، داخل أرواح الناس. لقد استسلمتُ إلى سيْرِ الحياة على كيفها منذ زمنٍ بعيد، ربما كنتُ دائماً كذلك، لذلك لم أستعجل رحلة (كادوقلي) ولم أتدخّل في مصيرها، إلى أن حصل صديقي أيمن سيف (الدوسري) على وظيفة مستقرّة بالأمم المتحدة هناك، ثمّ جاءَ عيد الضحيّة وسُلِّمت دعماً من الصحيفة لشراء (خروف الضحيّة)، والذي تحوّل إلى تكلفة رحلتي الحُرَّة إلى تلك الجبال الفاتنة. صاحبني في رحلتي (رامبو)، وعند عودتي عثرتُ على (عملاق ماروسي) لهنري ميللر، وهو واحد من كتبه المتأخّرة، وكم كا

إبليس العاشق - خالد حسن عثمان - تنقيبات طينيّة (8)

تنقيبات طينيَّة (8) إبليس العاشِق خالد حسن عثمان مقدّمة طينيّة: كنتُ، إبّان عملي محرّراً بصحيفة (السوداني) بالقسم الثقافي، تحديداً في مايو 2005م؛ كنت قد كتبت مقالاً بمناسبة صدور الديوان الأول للشاعر الصديق خالد حسن عثمان في الخرطوم، عن دار الشريف الأكاديميّة، والموسوم بـ(تماثيل)! ـ تجدونه في الروابط أدناه ـ فقد مَثَّل صدور هذا الكتاب خبراً سعيداً بالنسبة لنا، وأتذكّر أنني كنت قد كتبت، أيضاً، على فيسبوك مؤخراً حول الحادثة التي تسببت في إشعال عزم خالد على إصداره، وهي طريفة رويتها بتصرّف: [صاحبنا راكب ركشة، وسائق الركشة رجل عمَّك كده ويحب الوَنس، تلقاهو في نصَّ الـ(طررررررررر تُك تُك تُك) ديك يتحدث بصوتٍ عالٍ؛ أما خالد فلم يكن في مزاجٍ طيّبٍ على ما يبدو، ألقى سائق الركشة بسؤال: شغّال شنو إنت يا أخينا؟. وخالد في الخلف، خالف رجلو (أتصوّر) ومن داخل سرحته ردَّ قائلاً: - شاعر.            - شاعر؟ - أيوا، شغال شاعر! - واااا دواوينك المطبوعة شنو؟ - دواوين؟ لأ، أنا لسّه ما طَبَعت ديوان. - لسّه ما طبعت؟؟ - أيوا. في تلك اللحظة، أوقف سائق الركشة مركبته بحدّة،