في عام 2006، بينما كنت أعمل في قسم الشؤون الإدارية والمالية في المقر الرئيسي لإحدى وكالات الأمم المتحدة بالخرطوم، كُلفت بمتابعة بعض الشؤون في مكتب المنظمة في كادقلي، عاصمة جنوب كردفان. من بين المهام التي باشرتها، المشاركة في تعيين بعض العمال والموظفين في “محطة استقبال” السودانيين العائدين لجنوب السودان ضمن برنامج العودة الطوعية. كنا بحاجة إلى حوالي ست عاملات نظافة ومثلهن من الحراس ومراقبَيْن وإداري. اتبعنا الإجراءات المنصوص عليها في الإعلان عن الوظائف، وانصرفت مع الآخرين إلى أشغالنا. لم تكن لديَّ توقعات حول ما سيجري بخصوص تعيين موظفين جدد، كانت مهمة ثانوية، وهناك الكثير مما توجب عمله في فترة الإسبوعين القصيرين. لكن، انهمرت علينا طلبات التوظيف مثل طوفان، وتحولت المهمة الثانوية إلى لحظة سال فيها تاريخ العنف والحرب وكل تعقيدات الظلم الاجتماعي الذي تعرضت له جبال النوبة عبر قرون من الاستغلال. كانت المهمة الأشق هي قرار من ستحظى، من بين مئات المتقدمات، بهذه الفرص الست. فالشروط الأساسية المطلوبة للعمل كانت مختصرة وغير معقدة وبالتالي فإن معظم المتقدمات مؤهلات. هذا الإعلان الصغير يع
لماذا لا تتحول لجان المقاومة لحركة سياسيّة؟ مأمون التلب هنالك وهمان، يُطلقان على عواهنهما، للجم لجان المقاومة من التحوّل لحركة سياسيّة، رغم تحوّلها أصلاً، بميثاقها الثوري لحركة. أول الأوهام: لا توجد ديموقراطيَّة بلا أحزاب، وهي قولة حقٍّ أريد بها باطل، والباطل هو تحول اللجان لحركة سياسيّة واعية ومدركة لمآلات بلادها الذاهبة إلى التحطّم. والوهم الثاني: أن تحوّلها لحركة سياسيَّة قد "يبوظّها" كما باظت بقيّة الأحزاب، بما فيهم الحزب الشيوعي السوداني "النقي"، طيّب السؤال: إنت تبوظ براك ليه؟ ما عايز الناس يبوظوا معاك ليه؟ لأن جميع الحركات السياسيّة تحتّم، وترتجي من لجان المقاومة أن تكون فقط مُرَاقِبَة، مجرّد أفراد في "مجلس تشريعي ثوري" يراقب أداء الأحزاب. وبصراحة، لقد زهجنا من هذه الأوهام، وعلى اللجان أن تتقدَّم وتُعلن عن نفسها كحركة سياسيَّة في الانتخابات القادمة، لأننا جميعاً نعلم أن حميدتي سيرشّح نفسه كرئيس للبلاد، وبالديموقراطيَّة قد يفوز، وهو يسعى -كما تسعى أحزاب الاتحادي والأمة- لترسيخ الديموقراطيَّة لأنها ستأتي بهم كحكّام. جميعنا يعرف كم يكنّ ح