فِكرٌ ليليٌّ يجتاحُ حديداً حُرَّاً،
مكتئباً،
يُصلصلُ اللحمُ بأحلامه،
يَلِدُ جنوداً ترتفعُ التربةُ إلى قلوبهم
فتشتدُّ الريح على الأشجار بنبضاتهم
وتقف بذورٌ، لم تنبت بعد، على أمشاطها
لتشاهد الثقوب المُحدَثة على أجسادهم قبل أن تَحدُث؛
تبكي مزارعَ وأمطاراً وكتائب حمَّى تخنقُ ليلهم؛
ذلك الغروب الذي لن يحدث أبداً،
ذلك الشروق الذي لن ينطق أبداً،
وما بينهما
تلك الدوامة القادمة من النهر
عارية، تتلفَّع بأسماكٍ كثيرةٍ
كاشفةً، من خلال الحراشف، مدى العورات الحيَّة؛
لهب الغرق، ونشوة الطفو.
فكرٌ ليليٌّ يختلجُ
أسنانه القديمةُ بُدِّلت بالمعادن والشهوات،
وقنواتٌ تَعبُرُ من خلالها لتشتَقَّ من اللسان أرضاً
شريرةً
لبناء مدينةٍ أخيرةٍ بلا بشرٍ
تقتات من هذيان لغاتٍ بائداتٍ.
كيف؟
والتشوّهات جزءٌ من الحلم،
وأكاليلٌ ناشفةٌ تسير باتجاه موكب الوداع:
إننا نودعك أيها الفكر الليليّ
ونترك الباقي لجسدك الذي لن تحمله معك أينما ذهبت،
فأنت، لأَسَفِكَ، مُلكٌ للجميع
ولا من أحدٍ سيتخلَّى عن ظِفرِ نَفَسكَ
دعكَ من القلب:
هم جنودك فاشرِق بهم كيفَما خِفت
هم خُلُودك فاحرِق بهم كيفما نِمت.
ــــــــ
اللوحة، طبعاً، من أعمال عبد الله محمد الطيّب (أب سَفَّة)
تعليقات
إرسال تعليق