الكَلِمَات
(أطوارٌ
تَخْرِقُ أَصلَهَا
في المَضِيقِ الأَخِيْر)
لوحة إيغور
(غَرِيْبٌ
صَاعِقٌ: هُوَ حُضُوركَ إلى هَذِهِ الأَرْض.. ومَاعَدَا ذَلِكَ فهُوَ طَبِيْعِيٌّ وسَالِم).
مِنْ سَبِيلِ العَارِفْ بالإنْسان: أُسَامَة عَبَّاس
مارس- أغسطس
2006م
(1)
كَوِّن صُوْرَتَكَ عَلَى الْفَرَاغِ الَّذِي يَلِي وَجْهَك
كَوِّنْهَا وَغَامِر بِالنَّظَرِ مَرَّاتٍ وَمَرَّات... سَتَتَّفِقُ
مَعَ عَرْبَدَةِ الانْفِعَالاَتِ عَلَى التَّمَرُّدِ، تَقْطَعُ الشَّكَّ فِي كَوْنِ
البشْرَةَ صَحْرَاءَ عَذْرَاء، فِي كَوْنِ العَيْنِ وَاحَتَهَا الكَاذِبَة،
سَرَابَهَا الْحَقِيْقِيّ....
كَوِّن صُوْرَتَكَ
سَتَتَحَرَّكُ بَعْدَ ذَلِكَ بِحُريَّةٍ أَنْتَ المَالِكُ الأمرَ
بِإعْدَامِهَا فَوْقَ الْمَنَصَّة،
الْمَنَصَّةُ:
بَيْتٌ
يَتَلَوَّثُ بِتَحَرُّكَاتِكَ مَعَ أَهْلِكَ، والزَّائِرِينَ والمُبَارِكِينَ والْمُعَزِّيْنَ،
مِرْجَلٌ يَرْتَجُّ مِنَ جَهْلِ اليَدِ الَّتِي تُصَافِحُ بِهَا صَدِيْقَاً تَائِهَاً
عَنْ قُبَلِهِ، سُتْرَةُ الفَضِيْحَةِ الْمَحْبُوكَةِ فِي زَوَايَا نَظَرَاتِ الْمَارَّةِ
فِي الشَّوَارِعِ العَامَّةِ، هَمْسٌ كَتُوْمٌ فِي لَمْسَةِ عَاشِقٍ يُفْشِي سِرَّ
الفَقْدِ و الانْكِسَارَاتِ الْمَحْتُومَةِ....
سَتَتَحَرَّكُ بِخَجَلٍ ضَرُوْرِيٍّ لِتَجْتَاحَ الشَّوَارِعَ
الْمَيِّتَةِ لِعَدَمِ سَيْرِكَ عَلَى نَبْضَاتِهَا،
نَبْضَاتُهَا:
ظِلاَلُ لَكَمَاتٍ وَصَفَعَاتٍ مُظْلِمَةٍ، رَاحَةُ بَالِ مُشَرِّدٍ
لاكْتِشَافِهِ مَلاَذاً شَقيَّاً، صَوْتُ ارْتِطَامِ الكَتِفِ السَّكْرَانِ بالْحَائِطِ
الْمُتَّسِّخِ بِبُقَعِ البِتْرُولِ الْجَافَّةِ، رُوْحُ القِطَّةِ الْمَلِكَةِ تَبْحَثُ
عَنْ سُلاَلَتِهَا، وَهْجُ الغُرْفَةِ النَّائِيَةِ مِنْ كَثَافَةِ احْتِكَاكٍ يَخْتَلُّ
مِيْزَانَهُ دَاخِلَهَا...
سَتَتَحَرَّكُ لِتُدْرِكَ العَدْلَ وأَنْتَ تَقْفِزُ فِي الْهَوَاءِ
العَدُوِّ سَاحِبَاً آخِرَ أَنْفَاسِكَ فِي لَحْظَةِ التَّحْلِيقِ، مَادَّاً يَدَ الْخَالِقِ
الغَامِضَةِ، تُرِيْدُ أَنْ تُدْرِكَ العَدْلَ وأَنْتَ _مَلْهُوفاً_ تَخْتَلُّ مِنْ
شِدَّةِ تَوَازُنِ الْحُبِّ والشَّهْوَةِ والغُفْرَانِ والضَّلاَلِ دَاخِلِ أَحْلاَمِكَ،
تُدْرِكُ العَدْلَ حَاسِبَاً الْمَسَافَةَ بَيْنَ شَظَايَا القُنْبُلَةِ الَّتِي انْفَجَرَتْ
قَبْلَ وِحْدَةٍ وَاحِدَةٍ حَامِلَةً جَمَالَ الوَهْنِ، وَرِقَّةَ العَجْز.
(2)
أُنْظُر..
هِيَ القَدَمُ الغَبْشَاءُ الْمُشَوَّهَةُ يَجْتَرُّهَا أَحَدُ
الزَّاحِفِينَ فِي سُوْقٍ مَكْشُوفِ الأَسْلِحَةِ والدَّمَارِ. هَاَ هِيَ الْعَيْنُ
الْمَخْلُوعَةُ عَنْ عَرْشِ وَجْهِهَا تُبْنَى بالدَّمْعِ والتَّضَرُّعِ، عَيْنُ الأُمِّ
والِدَةُ الطِّفْلِ والِدُ مَاضِيْهِ الْمَجْهُولِ وَالِدِ العَالَمِ. أُنْظُر إلَى
هَذه السُّلاَلَةِ الْمُدَاهَمَةِ بِيَقِيْنٍ سَافِرٍ.. أُنْظُر
يَا لَلْعَدْل.
يَا لَهُ مِنْ عَدْلٍ هَذَا الَّذِي سَتَرَاهُ مُرَفْرِفَاً
مَخْدُوعَاً بِكَوْنِهِ لُغَةً مُتَدَاوَلَةً فِي وُعُودِ الكُتُبِ السَّمَاوِيِّةِ
والدِّيَانَاتِ السِّرْيِّةِ والْمَشَاعِلِ الثَّوْرِيَّةِ فِي كُهُوفِ الْمُقَاتِليْنَ...
كَمْ سَـ(يَكُوْنُ) إِذَا _فَقَطْ_ أُلْغِيَ البَحْثُ عَنْهُ بالطُّرُقِ الشَّرْعِيَّةِ
والْمَكَاتِيْبِ الْمُتَدَاوَلَةِ بَيْنَ الْمَمَالِكِ عَلَى يَدِ الرُّسُلِ الْمُنْهَكِيْنَ
مِن مَشَاهِدِ الطُّرُقِ الْمَسْلُوكَةِ لأَجْلِ إيْصَالِ الْهَدَايَا وَصُوَرِ الْمُنَعَّمِيْنَ....هَذه
هِيَ القَدَمُ مُرْتَاحَةً مِنْ كَوْنِهَا مَبْتُوْرَةٍ مِنْ نِصْفِهَا، تَجْذُبُ التُّرَابَ
إلِى جُرْحِ الْحَدِيْدِ الغَائِرِ بِطَرَفٍ مِنْ أَطْرَافِهَا... تَجْذُبُ ذُبَابَاً
مُتَوَحِّشَاً وَتَتَحَدَّث!!
تَتَحَدَّثُ عَنْ حَرَكَتِي الْمُرِيْبَةِ فِي أَرْوِقَةٍ مَشْبُوهَةٍ
تَحْمِلُ وَجْهَ شَمْسٍ مَرْمُوْقَةٍ،
تَتَحَدَّثُ
عَنْكَ وأَنْتَ تَتَذَبْذَبُ بَيْنَ آلاَفِ الصُّوَرِ الْمُمَثِّلَةِ لِكَيَانِكَ الْخَادِع...
تَتَحَدَّثُ مُعَرِّفةً هَيْكَلَكَ:
(جُنُوْدٌ
مُلْتَصِقُوْنَ بِلَحْمٍ مَخْرُوْقٍ وأَعْضَاءَ عَاطِلَةٍ،
جُنُودٌ
مُرَابِطُونَ لِحِمَايَةِ القَلْبِ وَمَعَابِدِهِ،
جُنُودٌ
لِتَسْطِيْحِ العَالَمِ حَدَّ يَحْلُمُ بِجَنَّةٍ خَالِدَةٍ،
يَجْفِلُ مِنْ تَخَيُّلِ العَقَارِبَ الْمُكَثِّفَةِ لأَرَقِ
الْجَحْيم).
كَمْ سَتَكُونُ النَّارُ مُؤَرَّقَةً فِيْ الْجَحِيم،
مُتَنَقِّلَةً مِنْ جِلْدٍ لآخَرَ، بِلاَ حِسَابٍ مَعْلُوْمٍ،
وَحِيْدَةً فِي الصُّرَاخِ الكَاسِرِ وَرَمَادِ العُيُون...
كَيْفَ سَيَكُونُ رَمَادُ العُيُونِ حِيْنَها؟!
كَيْفَ سَيَكُونُ رَمَادُ النَّار؟!
آكِلَةُ البَشَرِ هِيَ صُورَتُكَ وأَنْتَ تُكَوِّنُهَا فِي الفَرَاغِ
الْمُقَابِل...
(3)
إقْفِز ....
هُوَ
العَدْلُ
يَهْرُبُ
وأَنْتَ تَبْنِي بَيْتَاً لَهُ، ضَاحِكَاً مِنْ شِدَّةِ مَا
وَعَدوكَ،
هِيَ
أنَّةُ
الوَحْشِ
الَّذِي سَتْكَتَشِفُ وُجُودَهُ فِي آخِرِ زَاوِيَةٍ
مِنَ البَيْتِ الَّذِي بَنَيْتَ،
بِنَوَافِذَ غَالِقَةً
وبَابٍ
مَعْرُوف..
هَلْ وَجَبَ عَلَى صَوْتِكَ _أَيُّهَا الوَحْشُ_ أَنْ يَتَهَدَّجَ
لِيَفْهَمَ الْحُكَّامُ؟!، هَلْ وَجَبَ عَلَى جَسَدِكَ أَنْ يَتَمَزَّقَ فِي كُلِّ
مَوْضِعٍ؟!
· أَنْ
تَرَى العَيْنَ سَائِلَةً _بِكُلِّ مَا رَأَتْهُ
فِي التَّارِيْخِ_ عَلَى الأَرْضِ رَاسِمَةً الطَّرِيقَ الَّذِي سَتَسِيْرُ عَلَيْهِ
الأَرَامِلُ بِكُلِّ فَخْرٍ وحُزْن.؟
· أَنْ
تَرَى الوَجْهَ يَشْطَحُ فِي تَحْدِيْدِ مَلاَمِحِهِ فَيَدْعُو الصُّقُورَ _الْمُنْتَظِرَةِ
ظُهُورَ الْجُّثَثِ_ لِلهُبُوطِ عَلَى سَطْحِهِ كَلَمْسَةِ أُمٍّ؟
· أَنْ
تَرَى كَاحِلَ القَدَمِ يَتَكَسَّرُ حَدَّ تَقْطُرُ مِنْهُ سَلاَسِلٌ قَيَّدَتْهُ فِي
الْمَاضِي، ومَاراثُوْنَاتُ قَتْلٍ شَارَكَ فِي الْهَرَبِ مِنْ خِلاَلِهَا، ومَسَامِيْرٌ
جَرَحَتْهُ وَهْيَ تَدُقُّهُ عَلَى جِنَانِ الصَّلِيْبِ الْخَالِدَة؟
· أَنْ
تَرَى الصَّدْرَ يَعْتَرِفُ بِكُمُونِ الْمَقَابِرِ الْجَمَاعِيَّةِ فِيْهِ قَبْلَ
أَنْ تُنْجَزَ بِيَدِ الْحَاكِمِ الْمُوَقِّعَةِ _عَلَى كَمَالِ ضَمِِيْرِهِ_ الذَّرِيْعَةَ
الْمُنَاسِبَة؟
(4)
يَا إلَهِي
تَتَسَاوَى الدُّرُوسُ البَشَرِيَّةِ؟!
حُرْقَةُ صَدَاهَا فِي قَاعَاتِ حِسَابِ الْحَسَنَاتِ والسَّيِّئَاتِ
الْمُفْتَرَضَةِ مِنْ قِبَلِ قُوَّتِهِم وصُعُوْدِهِم فَوْقَ العُرُوشِ الْمَدْرُوْسَةِ،
أَنْ يُوْضَعُوا فِيْ نَفْسِ الْمَكَانِ الْمَوْعُودِ الْمُهْلِكِ
بِمَلائِكَتِهِ وشَيَاطِيْنِهِ الْمَحايِدِيْن؟!
أُنْظُرْ إلى الْمَكَانِ:
· حَشَرَاتٌ
بِأَقْدَامِهَا الْمُتَفَرِّعَةِ بِشُعْيِرَاتٍ جَمْرِيَّةٍ ومَخَالِبَ مِنْ جَمَاجِمِ
عَبِيْدِ الْمُلُوْكِ الْخَالِدِيْنَ فِي الأَرْضِ بِذَهَبِهِم.
· مَحَارِقٌ
تُشْرِفُ عَلَيْهَا عَوائِلٌ مِنْ الْحَيْوَانَاتِ الْمُرَكَّبَةِ مِنْ تَشَوُّهَاتِ
نُفُوسٍ صَاغَهَا الفَقْرُ والقَهْرُ..
أَفْرَانٌ تَلْتَصِقُ عَلَى جُدْرَانِهَا جُلُودُ اللُّصُوصِ
والْمِثْلِيِّينَ والغَانِيَاتِ. جُلُودٌ مَحْفُورَةٌ عَلَى لَوْحِ الْحَاجَةِ الإنْسَانِيَّةِ
الْمُلِحَّةِ حُضْنَاً دَافِئَاً ولَيَالٍ تُلَحِّنُ أَحْزَانَ الْمَهْزُومِيْنَ فِي
حُرُوبٍ زَائِغَة..
أَشْوَاكٌ
تَنْكَمِشُ عَلَى القَدَمِ الذَّاهِبَةِ لتَِشْكُو خِدَاعَ الشَّيْطَانِ الوَهْمِيِّ
لِخَرَائِطِهَا.
(5)
أُنْظُرْ:
الْحَشَرَاتُ تُفْلِتُ مِنْ فَخِّ القُبْحِ والبَشَاعَةِ والْمَرَضِ
لأَوَّلِ مَرَّةٍ
وتعلِّمُ الأَيْدِي الْمُتَأَهِّبَةَ لِسَحْقِهَا: حَرَارَةَ
القُبْلَةِ والْلَّمْسِ الْمَبْهُور
لِذَّةَ
اكْتِشَافِ الشُّقُوقِ البَاهِتَةِ فِي الْجُدْرَان
الْجُحُورَ الْمَحْشُوَّةَ بِفُتَاتِ النِّفَايَاتِ
فَتَبْرُزُ مِنْ وَهْجِ الشِّفَاهِ الكَلِمَاتُ الَّتِي لَمْ
نَنْطُق بِهَا فِي حَضْرَةِ العَائِلَةِ الْمَعْبَدِيَّةِ
واخْتِلاَلِ هَوَاءِ البَيْتِ بِسَلاَمِ الضُّيُوف الْمُبْتَسِمِيْن.
تُمْسِكُ إحْدَاهُنَّ بِأَجْنِحَتِهَا وتَنْفُضُ عَنْهَا جَرَاثِيْمَ
تَائِهَةً
تَقُصُّ رِحْلَتَهَا الْمُبَاغِتَةَ مِن بَيْضَةٍ مَجْهُوْلَةٍ
حَتَّى لَحْظَةِ حَبْسِ النَّفَسِ خِشْيَة الْمُبِيْدَاتِ
تَمْتَصُّ الدُّخَانَ الْمُتَصَاعِدَ مِن عَيْنِي وتُقَارِنَهُ
بِسُكُونِهَا الشُتْوِيِّ
بِقَبِيْلَتِهَا الْمُحْتَجَّةِ عَلَى عُمْرِهَا القَصِيرِ
وتَبْتَسِم ...
كُنْتُ أَرَى أَوْقَاتِي
تُشْرِقُ بالنَبْذِ والتَّخَفِّي
تَنْبُتُ جَرْثُومَتِي فِي الْمُصَافَحَاتِ وحوَارِ الأَرْوَاحِ
السِرِّيِّ
وأُحلِّقُ مَعَ ذَوَاتِ العَمْرِ القَصِيْرِ
مُتَبَجِّحَاً
رَاسِمَاً
مَلاَمِحَ تَطْرُدُ الابْتِسَامَةَ
وتَشْتُمُ
العَالَمَ
بِمُبِيْدَاتِهِ
وسَلاَمَةِ كُهُوفِهِ القَاتِلِ مِن أَجْلِهَا
شَمْسَاً تَحْفِرُ بِحَرَارَتِها أسْئِلَةً غَامِضَةْ ....
(6)
عَلَى الطَّرَفِ الآخَرِ مِنَ الشَّارِعِ الْمَسْكُونِ بِعَبَثِ
الرِّيْحِ والنَّوَافِذِ الغَامِضَةِ... عَلَى الطَّرَفِ الآخَرِ مِنَ الشَّاطِيءِ
الْمَحْفُورِ بِرَقْصِ العَبِيْدِ الْحَزِينِ.. عَلَى الطَّرَفِ الآخَرِ مِنَ الغَيْمَةِ
الْمَجْرُوحَةِ بِصَلَوَاتِ الإسْتِغَاثَةِ وأنَّاتِ النَّبَاتَاتِ الْمَحْرُوقَة...
عَلَى الطَّرَفِ الآخَرِ مِنَ الطَّبْلِ الْمَحْمُومِ بإيْقَاعَاتِ الرُّجُولَةِ الْخَائِنَة...
عَلَى الطَّرَفِ الآخَرِ مِنْكَ: يَتَكَوَّمُ العَدْلُ ضَامَّاً أَقْدَامَهُ الْمَسْكُوْنَةَ
بالْخُطَبِ والشِّعَارَاتِ، ويَدَيْهِ الْخَشِنَتَيْن مِنْ شِدِّة إحْتِكَاكِ الآيَاتِ
الدَّاعِمَةِ لاسْلِحَتِهِ ضِدَّ آخَرٍ مُجْرمٍ بِوُجُودِهِ.... تُرَمِّلُهُ الوُجُوهُ
الْمُطِلَّةُ مِنَ النَّوَافِذ، تَحْتَلُّ جِلْدَهُ الأسْمَاكُ النَّافِقَةُ عَلَى
الشَّاطِيء، تَجْلِدُهُ الأَمْطَارُ الْجَحِيْمِيَّة، تُفَتِّتهُ الأَيْدِي الضَّارِبَةُ
الطَّبْلَ بِحُرْقَةِ عَرْشٍ مَفْقُوْدٍ،
وتَهْزِمهُ
أَنْتَ
بِنُطْقِكَ اسْمهُ
أَمَامَ
الْمَشْنَقَةِ الْمُتَلَهِّفَةِ لِضَمِّكَ....
(7)
((قَلْبٌ
مَفْطُورٌ عَلَى اللَّوْعَةِ))..
كَمْ مِنْ طُيُورٍ تَتَعَارَكُ عُجِنَتْ لِصِنَاعَةِ القَلْبِ،
كَمْ مِنْ أَهْدَابٍ كَسَّرَتْهَا نَظَرَاتُ التَّوَهَان،
أَلْقَابُ وُحُوشٍ سَكَّرَتْهَا رَعَشَاتُ التَّحَفُّزِ فِي
اللَّيْل،
سَتَائِرَ لَحَمَتْهَا إِنَاثُ الْجِبَالِ والكُهُوفِ الْمَنْسُوْفَةِ
بِخُيُوطِ خِيَانَةِ الْحَيْضِ لِبُوْيضَاتِهِنَّ النَّاشِفَةِ...
((عَقْلٌ:
ذِئْبٌ لَيْلِيٌّ لأَجْلِ البَحْثِ العَاجِز))
بَيْنَ خَرَائبِ ألْوَانٍ تَكْفِي لِتُدَوِّخَ جُدْرَانَ بيُوتٍ
مَيِّتَةٍ
بَيْنَ خَرَائبِ لَهَفَاتٍ تَتَقَافَزُ فَوْقَ دُمُوعِ أَرَامِلَ
مَصْبُوْبَاتٍ دَاخِلَ أَصْنَامٍ عَاقِلَةٍ
بَيْنَ خَرَائبِ نَجْمَاتٍ سَمَّمَتِ الأَرْضُ مَلاَبِسَهُنَّ
الكَوْنِيَاتِ بَعَكْسِ مَشَاهِدِهَا فِيْهَا:
يَتَجَوَّلُ ذِئبٌ بِعُيُونٍ سَاحَ عَلَيْهَا رَمْلٌ يَتَلَوَّى
أَلَمَاً فِي آخِرِ أُفُقٍ مُنْفَجِرٍ
يَتَجَوَّلُ مَخْنُوقَاً بِمَخَالِبِهِ ودِمَاءِ فَرِيْسَتِهِ
البَكْمَاءَ تَرُصُّ مَلاَمِحَ غَابَاتٍ _لَوَّنَهَا
عُقْمٌ_ فَوْقَ بَقَايَا عَجْزٍ بِلُعَابِه
شَعْرٌ فتَّانٌ يَكْسُو جِلْدَه
والْمَاءُ السَّاقِطُ مِنْ كَفِّ سَحَابٍ تَاهَ
يُعَمِّقُ فِتْنَتَهُ فِي عَاطِفَةِ الصَّحْرَاءِ الضَّامَةِ
كُلَّ خَرَائِبِهِ
حَلِّق يَا ذِئْبَاً يَتَجَوَّلُ فِي الأَرْضِ
حَوِّل كُلَّ رَمَادٍ يَلْجَأُ للثُقْبِ الْمَعْزُولِ بِصَدْرِكَ
أَجْنِحَةً
تَغْزُو رَعَشَاتِ البَريَّةِ
كُنْ
سُوْرَ جَفَاءٍ حَوْلَ حَيَاتِكَ
كُنْ
أَغْلِفَةً لِصِيَاحِ الْحَشَرَاتِ الْمَنْكُوبَةِ تَحْتَ أَظَافِرَكَ
الْمُتَّسِخَةِ
يَا ذِئْبَاً يَتَجَوَّلُ دُوْنَ رَقِيْبٍ مَهْوُوسٍ بالْحَرَكَاتِ
النَّافِرَةِ الْمَهْزُومَةِ
أُنْظُرْ: يَالَخَيَالِكَ يَخْذِلُ رَفْرَفَةَ الأَجْنِحَةِ
الشَّبَحِيَّةِ، أَجْنِحَةٌ تَنْمُو فِي الظَّهْرِ وتَحْصِدُهَا عَيْنُ الشَّمْسِ الْحَاقِدَةِ
وحُبُّ
الأَرْضِ الوَهْمِيِّ
خَيَالُكَ:
بَيْتٌ مَصْعُوقٌ بِالْهِجْرَة والأَرْوَاحِ
طُفْلٌ
تَتَحَدَّثُ لُعْبَتُهُ بَيْنَ يَدَيْه
صَوْتٌ
يَدْخُلُ كَهْفَاً دُوْنَ صَدَى.
(8)
يَقْضِي الْجَمَالُ حَيَاتَهُ الكَامِلَةَ مَغْمُوراً فِي ثَوْبٍ
عَجُوزٍ، يَمُدُّ عَصَاهُ الْمُتَحَلِّلَةِ لِيُشِيرَ بِهَا إلَى أَنْفِ الأَرْضِ الْمَكْسُورِ،
يَمُدُّ هَوَاهُ الْمَبْذُولَ لِكَي يُشِيْرَ إلَى كَلاَمِ العَرَقِ السَّائلِ بَيْنَ
صَدْرَينِ يَلْتَحِمَانِ فِي خَيَالِ هَمْسَةِ فَقِيْرٍ، يَمُدُّ صَوْتَهُ الكَاوِي
لِيُحَدِّدَ الكهْفَ الْمَجْرُوحَ عَلَى خَرِيْطَةِ العَالَمِ مَنْبُوذَاً مُحْتَشِدَاً
بالأَنْبِيَاء وَخَوَنَةُ القُطْعَانِ السَّاهِيَةِ فِي الفَرَاغِ الْمَطْحُونِ بفَِكِّ
التَّارِيْخِ
....
هُوَ...
يَنْحَنِي بأحْزَانِ بَيْتِهِ لِيَقْطُفَ وَرْدَةً تَنْعَكِسُ
عَلَى أَوْرَاقِهَا وُجُوهٌ عَزِيْزَةٌ
ينَحْنَي
تَتَدَحْرَجُ مِنْ ظَهْرِهِ قُنْبُلةٌ مَسْكُونَةٌ بِزَفْرَةٍ
حَائِرَةٍ
تَتَدَحْرَجُ سَنَوَاتٌ مَلْسَاءَ تَسطُعُ مِنْ شِدَّةِ تَقُنُّعِ
الكُسُورِ عَلَيها،
تَسْطُعُ مِنْ شِدَّةِ الْجُثَثِ الَّتِي سُحِبَتْ عَلَيْهَا
وَهِيَ تَضْحَكُ
أُنْظُرْ
كَمْ
يَقْسُو عَلَيْهِ الآنَ أَنْ يَرْفَعَ قَامَتَهُ مِنْ جَدِيْد
أُنْظُرْ:
كَمْ
يَقْسُو عَلَيْهِ بَعْدَ هَذَا أَنْ يُشَهِدَ انْفِجَارِ الشَّمْسِ الْمَهْمُومَةِ
عَلَى صَفْحَةِ وَجْهِهِ...
هُوَ
مَشْنُوقٌ مُنْذُ أَزَلٍ مَحْتُومٍ دَاخِلَ أيَّامِ دُمُوعِهِ
الدوَّارَةِ كَطَاحُوْنَةٍ خَرِبَة
مَأسُوْرٌ بِلَمْسَةِ فَرَاشَةٍ غَادَرَتْ الكَوْنَ إِثْرَ رِيْحٍ
خَفِيْفَةٍ وَغَادِرَة
هُوَ
شِيْمَةُ البَابِ الَّذِي لاَ يُفْتَحُ إلاَّ لِيَبْكِي أَحَدُهُم
مِنْ قُوَّةِ الفَقْدِ
الصَّفْعَةُ الَّتِي جَعَلَتْ القَمَرَ يَتَرَدَّدُ _طَوَالَ
التَّارِيخِ_ أَيُّ جِهَةٍ فِيْهِ مُظْلِمَةٌ وخَائِفَة...
مَرْصُودٌ بِعَيْنِ الغُصْنِ الوَاهِي فِي آخِرِ البَيْتِ وَهُوَ
يَرْتَجِفُ مِنْ الْخَوْفِ والظَّمَّأ
مَرْصُوْدٌ مِنْ ظِلِّ زَوْجَتِهِ الْمُخْتَبِئَةِ خَلْفَ البَابِ
الْمُتَهَالِكِ وهِيَ تُغَنِّي فَقْرَهَا وسَلاَمَهَا
مَرْصُوْدٌ مِنَ رِقَّةِ ثَوْبٍ يَلْهُو عَلَى جَسَدِ طِفْلَةٍ
تُهَرِّبُ نَظْرَتَهَا لِلْشَارِعِ الغَامِضِ
يَا لَهُ مِنْ بَارِدٍ مُكَثَّفٍ دُوْنَ جَدْوَى
يَا لَهُ مِنْ جَاهِلٍ قَدْرَ خَطْوَتِهِ عَلَى الأَرْضِ، ورُوْحُ
الْحَرَكَاتِ والكَائِنَاتُ تُحَاوِلُ أَنْ تَلْحَقَ بِتَارِيْخِهِ وهِيَ تَلْهَثُ
تُدَوِّنُ أَنْوَاعَ الكَلِمَاتِ الْمُتَفَحِّمَةِ عَلَى شَفَتَيْهِ
بَيْنَمَا الْمَبَانِي تَتَهَاوَى بِجَانِبِهِ مِنْ شِدَّةِ جَمَالِهِ الْمُدَمِّر
تَتَهَاوَى لُبْنَةُ القُبْلَةِ الصَّاعِدَةِ مِنْ العَذْرَاءَ
الْمَقْتُولَةِ تَحْتَ أَقْدَامِهِ العَمْيَاء
وَهِيَ تَتَهَدَّجُ بِفَقْدِهَا لِلذَّةِ الشَهِقَةِ الْحَارِقَة
تَلْتَفُّ حَوْلَ أَصَابِعِهِ حَدِيْقَةٌ تُنْبِتُ النَّايَاتِ
البَاسِقَاتِ بِلاَ رَحْمَةٍ
مُسَوَّرَةٌ بِخْمَرٍ يَعْكِسُ عَلَى سَطْحِهِ الرَّائِقِ أَلْحَانَاً
تُوَدِّعُ كُلَّ مَا فِي الكَوْنِ بِاهْتِزَازَةِ وَتَرٍ مَجْرُوْحٍ
وَهْوَ يُرَاقِبُ يَدَيْهِ سَاكِتَاً عَنْ غَامِضِهَا
بَاحِثَاً عَنْ قَاتِلِهَا فِي انْسِيَابِ الزَّمَانِ الْمُمِلِّ
وَلَنْ يَنْتَهِي....
(8)
أُطَارِدُ قَطِيْعَاً مِنَ الثِّيْرَانِ عَبْرَ دُرُوبٍ عَوْرَاءَ،
أُطَارِدُهَا مُلَوِّثاً الغُبَارَ الَّذِي تُثِيْرُهُ بِعِشْقِي لِلمُطَارَدَةِ الأَبَدِيَّةِ.
هُوَ طَرِيْقُهَا مَجْنُونٌ يَتَدَوَّرُ أَحْيَانَاً
أَحْيَانَاً يَهْدَأُ عِنْدَمَا أَتَصَابَى فِي الْمُنْعَطَفَاتِ
الْخَطِرَةِ
كَوْنِي أُمَزِّقُ قَمِيْصِيَ الْمُبْتَلَّ بِنَارِ الرِّيْحِ
العَنِيْفَةِ مِنْ سُرْعَتِي
كَوْنِي أُشَرِّطُ جِلْدِيَ لِضِيْقِهِ عَلَى الصَّحْرَاء الْمُحِيْطَةِ
بِي
لاَ يَعْنَي أَنَّنَي لا أُغَنِّي، وأَطْرُقُ عَلَى أَرَقِي
مُحَوِّلاً إِيَاهُ إيْقَاعَاتٍ سَكْرَانَةً بِصَوْتِكِ
....
الثِّيْرَانُ تَتْعَبُ، هَيَاكِلُهَا، تَتَصَدَّعُ، يَخْرُجُ
مِنْهَا فَرَاشُ الكَوْنِ كَامِلاً، تَخْرُجُ مِنْهَا طُيُورُ العَبَثِ الْمُجَوَّفَةِ،
تَخْرُجُ مِنْ شُقُوْقِ العِظَامِ أَوْقَاتُنَا بِأَوْجُهٍ مُخْتَلِفَةٍ لِمَلاَمِحِنَا،
أَشْبَاحُنَا يا صَبِيَّةُ تَمْرَحُ كَالبَرَاغِيْثِ عَلَى جِلْدِ الثِّيْرَانِ الأَصْلَعِ
الْجَائِع..
أَشْبَاحُنَا تَتَوَهَّجُ
تَتَنَفَّسُ
وتَخْلُقُ أنَّاتِ الْخَطَوَاتِ بِلَيَالٍ غَامِقَةٍ
وصُرَاخٍ
فَاحِش.
....
أُطَرِادُ قَطِيْعَاً هَا هُنَا
حَلَبَةُ الصِّرَاعِ تَبْتَسِمُ مِنْ أَشْبَاهِ الأَطْفَالِ
العَالِقِيْنَ فِي أَوْجُهِ الْمُتَفَرِّجِين.
تَبْكِي مِن سُقُوطِ قَطَرَاتِ العَرَقِ عَلَى مَلاَبِسِهَا
النَّظِيْفَةِ بِالدَمِ والكَوَارِثِ
سَتَفْتَقِدُ رَحَابَتَهَا بَعْدَ مَا جَرَى
تَشْتُمُ خَلْقَهَا
تُقَاوِمُ الإسْتِدَارَة
لِكَي لاَ تُحْرِجَ جُهْدِي
وتَصْدُمَ أَمَلِي فِي هَزِيْمَةِ الرِّيْح.....
...
لأَجْلِ القُرُونِ الرَاكِضَةِ أَتَجَمَّلُ
مِنْ أَْجْلِ مُقَابَلَتِهَا فِي آخِرِ مَطَافِهَا حَادَّةً
تَنْتَظِرُ السَّلْخَ
أَحْتَكُّ
بِهَا مَحْمُوْماً بِجُذُورِهَا فِي الرَّأْسِ
بِبُذُورِهَا فِي خَفْقَةِ القَلْبِ
بَأَنِيْنِهَا وهِيَ تَطْعَنُ العَاصِفَةَ القَادِمَة....
أَزُوْرُ القُرُونَ بِطَيْفِي الطَّائِر
الْمُنْتَزَعِ مِنْ جَسَدِي الرَّاكِض
أُحَلِّقُ حَوْلَهَا نسْرَاً جَرِيْحَاً بِحِكْمَتِهِ
أُطَوِّقُ خَوْفَهَا بِنَدَى قَلَقِي عَلَى نُعُوْمَتِهَا
وأَخُور...
....
أَيَّتُهَا الثِّيْرَانُ
أقْتُلِي هَوَسِي بِكِ
وأتركِيْنِي أَتَجَوَّلُ قَانِعَاً بالتَّحْدِيْقِ فَقَط
قَانِعَاً بِرُوحِي النَّاقِصَة...
(9)
لَمْسُ خَصْرِكِ جُنُوْنُ حَوَاسٍّ قَصْفُ صَاعِقَةٍ لِجَبَلٍ يَصِيْرُ هَشَّاً
فِي مُقَابَلَةِ لَوْنِكِ كَوْنٌ مِنَ هَوَامِشِ الْهَمَسَاتِ يَتَقَاطَعُ
فِي لَحْظَةٍ تَعْوِي فِيْهَا جَمِيْعُ كَائِنَاتِ الأَرْضِ بِصَوْتِ الذِّئْبِ الْمَجْرُوحِ
بِشَهَوَاتٍ تَخْتَلُّ
وتَخْتَلُّ
تَسْقُطُ
بَعْدَ كُلِّ هَذا الانْتِظَارِ لَوْحَةٌ حَانِقَةٌ تَقُوْلُ: الشَّيَاطِيْنُ تَحْيَا
عَلَى كِسْوَةِ اخْتِلاَجَاتِنَا...
سُكُونٌ بَشَرِيٌّ هَائِلٌ يَتَمَدَّدُ فِي فَضَاءِ مَعْبَدِكِ
الْمُحْتَقِنِ بالأَشْبَاحِ
أَشْبَاحٌ بَشَرَيَّةٌ هَائِلَةٌ تَخْتَلِسُ النَّظَرَ لِقُبْحِهَا
وَهْوَ يُفْلِتُ مِنْهَا، وَهْيَ تَتَعَانَقُ وتَهْمِسُ
لَمْسُ
هَمْسِكِ جُنُونُ عَاصِفَةٍ فِي ثُقْبِ حَنَانٍ مَقْتُول....
لَمْسُ وَجْهِكِ جُنُونُ كَلِمَاتٍ عِرْبِيْدَةٍ تَهْزُّ عُرُوشَ
الْمَلاَئِكَةِ الأَوْفِيَاء
خَلْقٌ
خَلاَئِقٌ
مَخْلُوقُونَ
لأَجْلِ
الرَّقْصِ والتَّوَحُّد
هُوَ جَسَدٌ أَمْ خَلِيَّةٌ مَشْبُوْهَةٌ بالعَبَثِ والإنْفِجَارِ
الْمُفَاجِيء؟!
هُوَ جَسَدٌ أَمْ هُيَامُ أَزِقَّةِ مَدِيْنَةٍ خَالِيَةٍ فِي
أَحْلاَمِ سُكَّانِهَا النَّائِمين؟!
أَنَامُ
أَنَامُ
بِحُبِّكِ وأَتَألَّهُ بِلاَ مِيْقَاتٍ ولاَ جَدْوَى
تُجَنُّ جَنَّتِي بِلاَ سُبُلٍ ولاَ تَقْوَى
مَعْبَدٌ
حَجَرِيٌّ
دَمَوِيٌّ
هُوَ مَن يَتَحَدَّثُ الآنَ بِلُغَتِيَ الفَانِيَة
هُوَ مَنْ يَقْتَاتُ كَوَحْشٍ مَمْحُوْقٍ عَلَى رائِحَتِكِ فِي
الكَفِّ
رائِحَتُكِ
فِي الكَفِّ
بَاقِيَة...
أَنْتِ
بَاقِيَة......
(9)
سَأَمْنَحُ الْجِهَةَ الَّتِي يَأْتِي مِنْهَا العَدْلُ مَصْحَفاً
مَسْلُوخَاً مِنْ البَشَرِ، وحَائلَ اللَّوْنِ مِنْ ذَوَبَانِ غُصَّتِهِم عَلَيْهِ..
الْجِهَةُ الَّتِي يَأْتِي مِنْهَا العَدْلُ مُتَبَخْتِرَاً عَلَى السَّلاَلِمِ ذَاتِ
الْجَوَانِبِ الْمُفَتَّتَةِ بِفِعْلِ الأَيَادِي الَّتِي تَمَسَّحَتْ طَلَباً لِلْغُفْرَانِ
والرَّحْمَةِ والأَجْرِ السَّاخِرِ... السَّلاَلِمُ ذَاتُ الفَرْشِ الْمُكَدَّسِ بالكَتْمَةِ
الْمُلَوِّثَةِ لِشَرَايِيْنِ الغُزْلاَنِ الْخَائِفَةِ فِي البَرَارِي العَارِيَةِ
مِن القَوَانِيْنِ والإتِّجَاهَاتِ... السَّلاَلِمُ الْخَرَصَانِيَّةُ بِتَجَوُّلِ
أَحْشَاءِ نِسَاءٍ مَحْمُومَاتٍ بِالبَحْثِ الصَّارِخِ فِي أَرْجَاءِ الْمَمْلََكَةِ
الكَوْنِيَّةِ السُمِّيَّةِ
أَيْهُا الْخَوْفُ الْمَوْلُودِ بِخنْجَرٍ فِي ظَهْرِهِ، أَحْدَبٌ
بِهَلْوَسَاتِ النَّاجِيْنَ مِنَ الذَّبْحِ والْخَسْفِ
أَيُّهَا الْخَوْفُ الْمَلْغُوْمُ بِشِفَاهِي وَهِيَ تَنْطُقُ
بِكَلاَمٍ يُوْرِثُ الأَمَانَ والتَّقْوَى
أَيْهُا الْخَوْفُ: قِفْ فِي أََرْجَاءِ سَلاَمِكَ الْمَنْحُورِ
وارْفَع يَدَكَ لِلْعَدْلِ الْهَابِطِ عَلَيْنَا/ عَلَيْك
واتْلُو تَقْرِيْرَكَ الْمُجْحِفِ بِحَقِّ النَّمْلِ الْمَهْرُوسِ
تَحْتَ الْحَرِّ، وفِي حَقِّ الأَسَدِ الْمُتَأَمِّلِ فِي سَهْوٍ جَمَالَ مَخَالِبِهِ
البَلُّوْرِيَّةِ، وفِي حَقِّ الْحَجَرِ السَّاقِطِ فِي رَأٍْسِ مَقَابِرِ الْمُدُنِ
الْمَقْصُوفَةِ بالنَّارِ العَاشِقَةِ الْمِغْوَارَةِ... نَارُ الْجَحِيْمِ الَّتِي
سَتُعَذِّبُ هَذَا الشَّيْطَانَ الأَعْوَرَ السَّاكِنُ فِي عَيْنِكَ الْخَفِيَّةِ...
أَيُّهَا الْخَوْفُ كُنِّي وَلَو لِلَمْحَةٍ وَاحِدَةٍ ويَتِيْمَةٍ، لَمْحَةٌ بِفْسْتَانٍ
مَجْرُوحٍ وأَلْوَانٍ تُنْكِرُ دَوَرَانَ الأَرْضِ الْحَتْمِيِّ الْمُمِلَّ... أيُّهَا
الْخَوْف
إِرْفَع يَدَكَ ولْتَسْقُطْ فَوْقَ رُؤُوسِ الْمَاشِيَةِ الْهَائِمَةِ
عَلَى وَجْهِ التُّرَابِ العَالِمِ،
فَوْقَ نَبْضِ التَلِّ الْمَكْسُورِ بِعُوَاءَاتِ العَطَشِ الْمُتَسَرِّبِ
مِن جُثَثٍ مَاتَتْ عَطَشَاً....
إرْفَعْ يَدَكَ يَا أَبِي، لأَرَى خُطُوطَاً عَلَّمَتْ بَاطِنَ
قَدَمِ الإنْسَانِ أَنْ تَتَأَلَّمَ مِن سُخُونَةِ الشَّمْسِ،
عَلَّمَتْ بَاطِنَ ضُوْءِ الشَّمْعَةِ عِشْقَ الظَّلاَمِ الْمَظْلُومِ،
عَلَّمَتِ أَكْتَافَ سُلاَلَةِ الأَمْطَارِ ذَنْبَ الْهَوَاءِ
الَّذِي تَجْلِدُهُ دُوْنَ رَحْمَةٍ بِجَمَالها السَّاحِقِ....
هَلْ نَسْتَطِيْعُ أَنْ نَرْمِشَ
وَلَو لأَجْلِ الوَخْزَةِ الَّتِي تَمْنَحُهَا رُؤْيَةُ الطًّرَْقَةِ
الْمَوْءُودَةِ فِي عَيْنِ البَّابِ الْهَالِكِ
هَلْ نَسْتَطِيْعُ أَنْ نَرْمِشَ...
أُنْظُرْ إلَيْهَا:
هِيَ وَاحِدَةٌ ذَاتُ أَقْدَامٍ مَسْحُوقَةٍ قَصَبَيَّةُ العَرْضِ
تُنَاسِبَ زِيْنَةَ جَسَدِ خَيَالِ المآتَةِ، هِيَ تَزْحَفُ بِجَانِبِنَا سَاحِبَةً
غُمُوضَ الْخَطَوَاتِ الَّتِي سَارَتْ، وتَسِلُّ إعْتِرَافَاتِ الأَرْضِ بِمُلْكِهَا
لِقُوَّةِ التُّرَابِ.. لِلَوْنِ التُّرَابِ.. تَزْحَفُ حَتَّى تَصِلَ الْحَجَرَ الَّذِي
عَلَيْهِ تَسْتَكِيْنُ إلِى آخِرِ السَّنَوَاتِ.. أَخُوهَا الْحَجَرُ الْمَرِيْضُ بِتَشَقُّقَاتِهِ
الَّتِي أَحْدَثَهَا نَمْلٌ مَنْفِيٌّ، مَرِيْضٌ بِتَحَوُّلاتٍ سَكَّنَ جُنُوْنَهَا
شَكْلُ الْحَجَرِ الوَاحِد... عَلَيْهِ تَسْتَكِيْن، أَيُّهَا العَالَمُ القَذِر، يُصْبِحَانِ
عِنْدَمَا يَلْتَِئِمَانِ قَمَرَاً لَكِن لاَ يُدْرِكُ أيُّ جَوَانِبِهِ مُظْلِمٌ وأيُّ
جَوَانِبِه نَائِمٌ عَنْ ضِيَاءِ دَوَاخِلِهِ... قَمَرٌ كَوَّنَتْهُ طِفْلَةٌ وَحَجَرٌ
مَغْدُورٌ مِنْ بَقِيَّةِ الأَرْضِ، البَقِيَّةِ الَّتِي تُقَهْقِهُ الآنَ فِي مُدَرَّجَاتِ
القِيَامَةِِ العَاصِفَةِ واللاَّعِبُونَ يُغَنْوُنَ بِصَوْتِ الغَنَائِمِ الْمَهْدُورَةِ
فِي لَمَعَانِ نَظَرَاتِهِم لِلأَفْخَاذِ الشَّفَّافَةِ وهَيِ تَعْلُو عَلَى كُلِّ
خَيَالٍ مَحْمُومٍ شَاعِر...
(10)
لِخَيَالِ الرَّضِيْعِ عَيْنُ الْجَمْرَةِ الْمُؤَنَّثَةِ الكَاتِمَةِ
رَمَادُ
الْحَوَاسِّ الْمُغَامِرَةِ الضَّامِرَةِ...
اسْتِدَارَةُ
ثَغْرٍ سَيَسْخَرُ مِنْ جَهْلِهِ
واسْتِعَادَةُ ذَاكِرَةِ الرِّيْشَةِ السَّاقِطَةِ.. مِنْ جَنَاحِ
مَلاَكٍ طَغَى
واسْتَوَى فَوْقَ فِتْنَتِهِ دُوْنَ بُوْقٍ
ولاَ دَقِّ طَبْلٍ مُرَمَّز
رَأَيْتُ الْخَيَالَ الَّذِي سَارَ بَيْنَ حَوَاسِّ الْجُثَث
إذْ لَهُ لَمْسَةٌ تَغْرِسُ الشَّوْكَةَ الصَّدِئَةَ فِي ارْتِخَاءِ
جُفُونِ الْمَلِكْ
إذْ لَهُ لَمْسَةٌ تَنْفُضُ الْجَّلَلَ الْمُكْتَوِي بِدُعَاءِ
الغَوَانِي الصَّبَاحِيِّ فِي كَهْفِ لِذَّاتِهِنَّ
رَأَيْتُ الْخَيَالَ الَّذِي سَارَ
دُوْنَ سَلاَمٍ يُجَلْجِلُ فِي إثْرِهِ
دُوْنَ حَرْبٍ تُوَلْوِلُ فِي صَوْغِهِ لِبُكَاءِ أَمَاكِنَ
طَافَ بِهَا النَّاسُ مِنْ أَجْلِ رَتْقِ الشَّلَلْ.
(11)
الْخَيَالُ الَّذِي يُلَمْلِمُ أَطْرَافَهُ ضَافِراً أَمْرَاضَهُ
رِيْشَاً نَبَوَيَّاً هَالِكْ..
وَلْوَلاَتُ النَّازِحَاتِ الْمَخْسُوفَةُ فِي أَطْرَافِ الْمُدُنِ
تَحْتَدُّ لِتُصْبِحَ مَخَالِبَ مَجْرُوحَةً بِرِقَّتِهَا
الْخَيَالُ الَّذِي يَحْتَلُّ شَيْبَ حِكَايَاتِهِ بأسْلِحَةٍ
مُدَمِّرَةٍ لِسَطْوَةِ الأَسَاطِيْر وَهَيْبَةِ الأَحْكَامِ الْمُطْلَقَةِ،
يَحْتَلُّهَا بِسُهُولَةِ الْتِقَاطِ منْقَارٍ لِحَبَّةٍ غَائِبَةٍ
عَنْ عَيْنِ طِفْلٍ يَلْهُو
الْخَيَالُ الَّذِي يَفِرُّ رُوْحَهُ لِيُصْبِحَ طَائِراً مَيِّتاً
تُشُيْرُ إلَيْهِ الْمَشَاهِد:
تَقِفُ رَجْفَةُ الْحَيَاةِ فِي عَيْنِ طَائِرٍ
رَاحِلٍ عَلَى أَنْقَاضِ ذِكْرَيَاتِهِ الْمَنْثُوْرَةِ فِي
الْمَكَان..
وَصِيَّتهُ تَتَلأْلأُ فِي عُيُونِ حُبُوبٍ مُتَنَاثِرَةٍ
تَغْرِيْدَتُهُ تَسْقُطُ مِنْ مَخَالِبِهِ الصَّغِيْرةِ: دَامِيَةً
حُرَّةً: مِنْ حُبِّهِ
للتِّيهِ
مِنْ
كَسْرَةٍ فِي صَوْتِهِ الأُمُوْمِيِّ
إنَّهُ لا يَلْتَفِتُ
تَلْتَفِتُ لَهُ ضِفَافُ البُحَيْرَةِ
شَمْسُ الظَّهِيْرةِ عَلَى صَفْحَةِ الْحَقْلِ الْمَسْكُونِ
بالصيَّادِينِ
كَوْكَبُ النَّبْضِ الدَّائِرِ فِي تَجَاوِيفِ غُصُونِ الأَشْجَارِ
تَنْهِيْدَةُ الشَّرْخِ الْمُفْتَرَضِ عَلَى ظَهْرِ الدُّوْدَةِ
الْحَيَّةِ بَيْنَ الأَعْشَابِ
يَأْسُ الْهَوَاءِ مِن تَضْلِيْلِهِ
إنَّهُ يَعْبُرُ السَّمَاءَ
ولا تَنْسِفُ أَحْزَانَهُ الصَّوَاعِقُ الْهَاوِيَةُ مِنْ حَوْلِهِ
قُضْبَانَ أَقْفَاصٍ
ولا الثُّلُوجَ الطَّافِحَةَ مِنْ نَظْرَتِهِ لِسَرَابٍ مُقْبِلٍ
لِضَيَاعٍ مَنْتُوفٍ مِن جِلْدِ الأُفُقِ البَعِيْدِ
بَعِيْدَةٌ
وِحْدَتهُ
بَعِيْدَةْ...
يَبْحَثُ عَنْهَا مُنْذُ سَلاَمِهِ الْخَلاَّقِ فِي جَوْفِ البَيْضَةِ
سَلاَمُهُ _الْمُحَطَّمُ فِي عَيْنَيهِ_ للمَخْلُوقَاتِ الوَحْشِيَّةِ
ودِفْءِ السَّحَابِ الْخَادِعِ
يَتْرُكُ أَشْبَاهَهُ عَلَى رِقَّةِ الأَمَاكِنِ والفِخَاخِ
الَّتِي نَجَا مِنْ حَرَارَةِ أَقْدَارِهَا
يُدوِّخُ لُغَتَهُ بِحَدِيْثٍ مَْحْمُومٍ عَنْ أَنْهَارٍ مَشْبُوهَةٍ
بالأَبَدْ…
لَيْتَهُ يَتَوَقَّفُ
كَالرَّجْفَةِ
عَلَى قَلَقِهِ
عَلَّ حَيَاةً تَْنْبُتُ فَجْأَةً مِنْ بَيْنِ رِيْشِهِ
عَلَّ حَرْبَاً تُشْعَلُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ طَائِرٍ آخَرَ فَيُرِيهِ
وِحْدَتَهُ فِي صَوْتِ الضَّرْبَةِ..
فِي صَلِيلِ الأَغَانِي الْمُتَّحِدَةِ
عَلَّ قَلْباً يُدْرِكُهُ
قَبْلَ
الْتِحَامِهِ
بالسَّرَابِ
المُبَاغِتْ...
v
يَالَدُمُوعِي الَّتِي تُتَابِعُ سُلاَلَةَ الطِّيْنِ وَتَحْفِرُ
فِي أَثَرِ خُطَاهَا تَمَاثِيْلَ مَائِيَّةً يَثُورُ طَوَفَانٌ فِي رَحِمِهَا...
يَالَخَرَابِ الضُّلُوعِ الَّذِي شَاهَدْتُهُ يَصْعُدُ عَلَى
أَكْتَافِ جِيْرَانِهِ مِنْ دِمَاءٍ وَأَنْفَاسٍ وسَلاَلِمَ أَحْلاَمٍ مُحَطَّمَةٍ،
لِيُشَاهِدَ الْخَالِقَ الْجَدِيْدَ؛ الْمَخْلُوقَ فِي كُلِّ يَوْمٍ يَسْطَعُ فِي عَيْنِ
التَّارِيْخِ الْمَثْقُوبَةِ
يَدُ الأَرْضِ تُحَارِبُ وتَمُوتُ رَاجِفَةً ذَلِيْلَة
يَدُهَا تَعْتَرِفُ وتُغلِقُ السَّمَاءَ خَلْفَها...
غَرَقُ الأَرْضِ يَخْرُجُ مِنْ مَائِهِ ويَسْكُرُ بِرَائِحَةِ
جُثَّتِهَا
غَرَقُهَا يَدْخُلُ مُكَمِّمَاً فَمَ الْمَوْجَةِ الشَّاهِدَةِ...
لَوْنُ الأَرْضِ يَعْرَقُ فِي رَاحَةِ الرَّصَاصَةِ الدَّائِرَةِ
حَوْلَ مِحْوَرِهَا مُحَدِّدَةً تَضَارِيْسَهَا
لَوْنُهَا يَثُوْرُ عَبْر تَجْوِيْفِ القُبُورِ تَارِكَاً صَوْتَهُ
يَتَفَتَّتُ مِن أَعْلَى، سَاحِقَاً الصَّلَواتِ الَّتِي تَتَصَاعَدُ مِنْ البُيُوتِ
الْمَذْبُوحَة
أُنْظُرْ...
أَيُّهَا العَدْلُ
أيُّهَا الْجَمَالُ
كَوِّن صُوْرَتَكَ عَلَى الْفَرَاغِ
الَّذِي يَلِي وَجْهَك.
أيُّهَا الْخَوْفُ
أَيُّهَا الْخَيَالُ
ــــــ
مأمون التلب
أغسطس 2006
مأمون التلب ، أنت لست بالنسبة لي سوى شخص تشعرني كلماته بعظمة الأشياء التافهة ، التي قلما ننتبه لها ، عندما اقرأك اشعر بالرضا لأن طول ( الكلمات ) الفارع و قصر أنفاس الكثيرين تجعلني في مصاف الأقلية التي تناهز الانقراض و التي تشعر بعظمة الأشياء التافهة .
ردحذفسلام عليك في المبدعين .
عزيزي أمادو، كيف الحال والأحوال؟ أَتِحتَ لي، بتعليقك الثقيل ـ جماليَّاً ـ على القلب، أن أُطالع بروفايلك الشخصي، فوجدت أنّك لم تنشر بمدوّنتك أية مشاركات! وحزِنتُ لأنني لم أجدها، وأتمنى أن أجدها في القريب. كذلك وجدت أنّك تُتَابع مدوّنة صديقتي العزيزة الكاتبة الكينيّة سولارا صباح (ملائكة السافنّا)وفَرِحتُ لصلة الدّم هذه التي تجمعنا. يا عزيزي إنّني لممتنٌ لك على تعليقك، وأتنمى أن لا ينفكّ تواصلنا.
حذفأخوك مأمون