التخطي إلى المحتوى الرئيسي

وَاحِدٌ فِي العَتَبَةِ لا يَتَثَنَّى


وَاحِدٌ فِي العَتَبَةِ لا يَتَثَنَّى
ناجي البدوي



 ونَقِّنِي لأُدَاوِم عَلَى جَسَدِي نَقِيَّاً وأحرصُ أشَدَّ. ونَقِّنِي لأمُدُّكَ بِحَنِيْنِي وزُرْقَتِي. ونَقِّنِي  مِن وُحُوْشِي وحَاجَتِي وجُثِيَّتِي. ونَقِّنِي فَاتِحَاً سِلْسِلَتِي، فَاتِحَاً وَمِيْضِي. ونَقِّنِي مِن رَائحَتِي ورُوحِي. امْسِكْنِي مِن قُمَّازةِ اللُّطْف ونَقِّنِي. دَعْنِي لأنفاسِكَ. دَعْنِي انْخَطِِفُ خَطْفَتِي الأخيرة. ونَقِّنِي، ولا تَتْرُك لِي نَافِذَة ولا بَاب، واغْلِقْنِي عَلَيكَ، ونَقِّنِي ونَقِّنِي حتَّى لا يَتَبَقَّى مِنِّي شَيء إلاَّ مَسْحُوراً، مُرَتِّلاً سورَةَ أكوَانِكَ السِّرِّية.

نَقِّنِي.





 دَعْنِي اكتُمُ الضَّمِيرَ وتشطيبةَ البُكاء الأخيرة. كُنتُ بِجَسَدِكَ أَرْفَأ ثُقُوب الأيَّام. لا زِلتُ أرْفَأُ غُيُوم الأيَّامِ فِي الجسَد. أنَا رَائحَتُكَ. كَاتِبُ لَوْح الدَّاخل. اكتبُ التَّعْوِيْذَةَ الأبَدِيَّةَ لقُرُوحِ العَدْل. لازلتَ شَبِيْهِي وبابيَ السَّهران وشريكي. أرفقُ بكَ بِحَنَانِيَ ودُمُوعِي، ومَا بِي مِن لَوعَات  وما بِكَ مِن غضونٍ ولُغَةٍ وكَمَالات. ومَا نَفْسِي سِوَاكَ. وما نَفْسُك. نَطِيرُ عَلَى الاجنِحَةِ بِالبَيَاضِ، ونَسِيل. ياااااااااا عَسَل. ليسَ ثمَّةَ بِجَسَدِي مَا يَدُلُّ عَلَيَّ. جَسَدِي، كُتْلَتِي كُلُّهَا تَدُلُّ عَلَيك. هَادِئاً؛ غَرِيقَاً فِي غُفْرَانَاتِكَ الحجَرِيَّة. امْسِكْنِي مِن قُمَّازةِ اللُّطف ونَقِّنِي. دَعْنِي لأنفاسِكَ. دَعْنِي انْخَطِِفُ خَطْفَتِي الأخِيرة.

نَقِّنِي.





طَلَعَ البَابُ عَلَيْنَا، مُتَلَفِعَاً، ولَيْسَ مِنْ حُزنٍ ولا أمَل. اشتياقاتٌ مِنْ نُورٍ ورَقْص. وانَا أُدَبِّرُ العُذُوبةَ السِّحريَّةَ، مُعَانِدَاً السَّلاسلَ ورُوحها وجَذْبَاتها، ليس مِنْ ألمٍ ولا خُذْلان. عُشْبٌ طَفِيفُ فِي صلاةِ اليَدَين، آكوْلَةٌ تبتَسِمُ،كُلَّمَا امتلأت، يبْتسِمُ الدَّاخلُ وتَعْوِي. تَفْرَحُ وتَعْوِي وتَفْرَح. هَيَّا تَلَفَّعْنِي بِالكَامِل ولا تَدَعْنِي اخفُقُ إلاَّ مَسرُورَاً بِكَ فِي الجدوَل. مُسوَّراً بك حَدَّ اشرَق. طَلَعَ البَابُ عَلَيْنَا أخيراً.



واكْتُبْنِي بِرُوحِ المَوْجِ عَلَى المطلَق. ابَدِيَّاً؛ اسقِيكَ مِن اعمَاقِي كُنُوزِكَ، وتَسْقِيْنِي. واسِيلُ خَارِقَاً الكُتْلَةَ والجسُور. وأكتُبْنِي بِالقَلَمِ المستَقِيمِ فِي قَلبِ العَرش. فَأدُوْخُ. ومَا أحْلَى. تَدُوخُ، ومَا أحْلاك. وأحْتَمِلُكَ لِغَايةِ العَطْفِ والشَّغَف، وامْتَلِيءُ ثَانِيةً،حَدَّ لا أشْرَقُ إلاَّ بِكَ. انْجُرُ  مَا تَبَقَّى، امِيْنَاً عَلَى قَوَارِيرِكَ. يَا لَيْسَت لِي رَائحَة. ولا احتَاج. رَائحَتُكَ تَأخُذُ. أنَا بِلا جَسَد. أوْ لم أكنُ مطلقاً؟. وأمْتَلِيءُ ثَانِيةً. تَركُضُ بالدَّاخِلِ اشْجَارُكَ؛ فَرحَانَةً. فأعوِي. اصِيرُ صَوتَاً لَهُ الحُظْوَة والنُّبل. ولا اصَدِّق. ولا أمَل ولا حَرَج ولا خَجَل. اشتِيَاقَاتٌ مِن نُورِكَ تُقَرِّصنُي وأجُتَاحُ. وأرقصُ. يااااا أخضري. أرقُص.





أنتَ شَبِيْهِي خَالِصَاً. ومَا مِنْ فُتُوقٍ ولا هَجْمَة ولا يَأس. ارشُقُ الجَّسَارَةَ بِتَأكِيْدِي عَلَيكَ مُشْرِقَاً. وعَلَيَّ مُشْرِقَاً اعْدُو، حَامِلاً العَدْوَ والمِيَاهَ والمفَاتِيح. لا يَقِفُ شَيء، ولا يَتَرَدَّد. قَفْرةٌ وَاحِدة، أنَا عَتَبتُكَ المضيئة. كَوكَبُكَ الأمين. قَفْزَةٌ وَاحِدَة أنتَ بِجَسَدِي كَامِلاً ونَقِيَّاً. تَرْبِيْتَةَ الحَنَانِ المحرُوس. امْسِكْنِي مِن قُمَّازةِ العَطْف ونَقِّنِي. دَعْنِي لأنفاسِكَ. دَعْنِي انْخَطِِفُ خَطْفَتِي الأخيرة.

نَقِّنِي.





 طَلَعَ القَلَمُ عَلَيْنَا، حَامِياً، وتَنْعَطِفُ بِنَا دَمْعَةُ الخُلُود. وَجَدْنَاهَا نَاحِيَتَنَا عَزِيزَةً ونَائمَة.  يَدِي تَسْبَحُ بِالدَّاخل. يَدِي دَاخِلي تَسْبَح. وتَبْقَى حَرَكَاتُهَا سَابِحَة. واللُّؤلؤُ والمُرجَان. اقطَعُ عَلَى الدَّربِ انفَاسه. لِئلاَّ تَطُول. ويَسْتَجِيب. حَاجَتِي تَسْتَجِيب. واحمِلُ دَمْغَةَ الخُلُودِ عَلَي نَهْبِي، فَتَنْهَبُنِي بِيَدَيكَ. وأحتمِلُكَ. واحمِلُكَ. بِعِظَامِي خَلْوَتُك. وتَعْرِفُهَا. ولا تَحزَن وَحْدَك. أنا مَعَكَ فِي الحزنِ ومَا يُطْرِبُ ويُذَوِّب. امُدُّك بِالبَعْض ونَسِيجِي يُهَدْهِدُكَ رَضِيعَاً. وأنَا رَضِيعُكَ الأسْوَد. اطْوِيكَ دَاخِلِي وتَطْوِينِي بِنقُوشِك، التي لَم تُرى. واتَكَسَّر وأتَكَسَّر. وافْرَغُ مِن دَاخِلِي واهدِمْهُ واُغَادِر. لَيسَ إلاَّ دَاخِلك وإنْ صَادَفَتْكَ لَحْمَتِي السَّوْدَاء. وإنْ قَتَلتُكَ بِحِرْصِي. أنتَ شَبِيْهِي خَاصَّةً. ياااا عَسَل.





 الشَّوقُ يَنْخَرُ حَوَاسِي. أرقُصُ حَافِياً ، حَلِيقَاً. وأخْلُقُ غُفرَانَاتٍ بِبَطنِي. ولا أبَالِي. لا شَوْك ولا طَرِيق؛ انَّما حُداءٌ سِرِّيٌّ، يَدخُلُ عَليَّ فَأسَرْنِمُ وأمُوتُ وأغِيبُ وأفْعَل، أطِيشُ وأحْمِي. أنتَ آمِن. لا تَعْرِفُ أينَ ومَتَي. مَاتَ الزَّمان. ولَستَ وَحدَكَ تَعْبُد. أنَا أعبُدُ. مَتْبُوعَاً بِالهَروَلَةِ والقَلَق والحُلْم واليَأس والرَّجَاء والحِرْمَان والدُّنُوُّ، واحْنُو عَلَيكَ بِشَجَرِي وطُيُورِي.  مَاتَ الزَّمان. أنَا أعبُدُ مَحرُوسَاً باللُّطف والخَجَل، ونَحْلُكَ يَشْهَق. وتُشْرِقُنِي. احْلُمُ حَادِسَاً مِيَاهكَ وجُوعِي. آكُلُ اللَّيلَ وما يَصِيحُ ويَنْمُو. وعظامي ليست لي؛ حَدَّ اسِيلُ وأذُوْبُ وأتَرجِم. يَا لَستَ وَحْدَكَ تَعبُد. اعْطِفُ عَلَيكَ مِن الهَبَّات اللَّزِجَة، الحَانِيَة، وأخَافُ، وأبكِي، آخُذُ دَمْعَتَك، وأعبُدُ. يَا هَذَا مَاتَ الزَّمان.





أغَادِرُ دَمِي. اترُكُهُ فِي الإستِفْهَامِ وَحِيداً. أنْتَ شَبِيْهِي. اغَادِرُ الحِبَالَ و وِدْيَان الدَّخِيْلَةَ وصُخُورها، أترُكُهَا تَعْوِي وتَفْرَح وتَعْوِي. انْشُبُ جَسَدِي خَارِجَ تْشْطِيْبَةَ الرُّوحِ وأبوَابِهَا وعَتَبَاتِهَا. كَأنَّه مَاْ كَان.  وأهتَمُّ بعِبَادتكَ. ولا أمَل ولا يَأسَ ولا حزن. لا شَهْوَة ولا جِنْس. رَشْقَةٌ مُضِيئة لا أكُونُ بَعدَهَا ولا تَكُون. اغَادِرُ وتُغَادِرُ، ونَحْلُجُ المِصْطَبَةَ والبُكاء. تَنْشُبُ جَسَدَكَ بِالخَارِج، ولا تَعُودُ إليهِ، كَأنَّه مَا كَان. لا يَقِفُ شَيء، ولا يَتَرَدَّد. قَفْرةٌ وَاحِدة، أنَا عَتَبتُكَ المضيئة. كَوكَبُكَ الأمين. قَفْزَةٌ وَاحِدَة أنتَ بِجَسَدِي كَامِلاً ونَقِيَّاً. امْسِكْنِي مِن قُمَّازةِ الكمال ونَقِّنِي. دَعْنِي لِرِيَاحِكَ. أرُوْح. دَعْنِي انْخَطِِفُ خَطْفَتِي الأخيرة. إحْتَمِيْنِي ياااااااا عَسَل. وتَسْتَطِيع.





طَلَعَ الدُّنُوُّ عَلَينَا، حَانِياً. اختِمُ عَلَيكَ بِاصَابِعِي، فَتَخْتِمُ عَلَيَّ بِاصَابِعِكَ الزَّرقَاء، الخضرَاء، الرَّضِيعَة، الحِبر، البَيَاض، الحَانِية. هَروَلتُ بِكَ لِلكِتْمَان. واااااااااااااي لاكِين. شَرِبْتَنِي قَطْرَةً قَطْرَة. ولَم أخْلُو أبَدَاً. شَرِبْتُك ما حييت. امْلأْ انفَاسَكَ بِكُتلَتِي وتَعَفَّر، وتَعَفَّر. لا تَهتَمَّ. سَأكْفِيكَ. ولا جِيَاع ولا عُرَاة ولا طَعْن. ولَن تَخْلُو أبَدَاً. أمُدُّكَ بِعِبَادَتِي، واسنُدُكَ، ولا مَيْل، حَدَّ تَرُوْح. تَهتَزَّ وتَعْرِف. تَعْرِفُ ولا تَحتَاج مطلَقَاً. وأهُزُّ عَلَيكَ خَيَالِي، تَسَّاقَطُ عَلَيكَ أقْمَارِي وطُيُورِي. تَرِنُّ. تَرِنُّ. انْشُرُ الجِّنَاحَ واللاَّنهايةَ، واحمِلُكَ دَاخِلِي ونَهْرُب. فَامْلأْ جُنُونَكَ بِرِيَاحِي وتَعَفَّر، تَعَفَّر. لا تَهْتَمَّ. لَم أخْلُو أبَدَاً. شَرِبْتُك مَا حييت.





حَمَلْتُك بِبَطْنِي لِتَأكُلَنِي بالكَامِل. واحدٌ لا يَتَثَنَّى. حَمَلْتَني بِبَطْنِكَ، فَأكَلْتُكَ، ولَنْ تَنْدَم. فَاتِحَاً سِلسِلَتِي، فَاتِحَاً وَمِيْضِي. اتعَفَّرُ بِكَ. وأتعَفَّر. ولَستَ وَحدَكَ تَعبُد. أنَا أعبُدُ. أرْفَأُ جَسَدَكَ، فَلا ثُقُوب ولا استِعمَال. أنْتَ عَزِيْزِي وشَبِيْهِي. نُهَروِلُ بِالحُظوةِ إليها. ولا تَعْرِفُ كَيفَ ومَتَى. مَاتَ الزَّمان. ولا حِصَار ولا هُجُوم ولا شِرَاك. انشُرُكَ بالدَّاخل مَا اتَّسَع، وتَنْشُرُنِي. افرِدُ سَبيبِي عَلَى نَظرتِك، أهَدْهِدُ لَكَ العُزلةَ لِتَنَام. أرحَمُك.





وتَنْدَلِعُ بِنا الأرضُ، وأنتَ تَطْعَنُ الكَلِمَات بِكَمَالٍ ما؛ يُشْرِق. ويَنْدَلِعُ الدَّاخلُ كُلُّهُ. وافْرَغُ مِن دَاخِلِي واهدِمُهُ واغَادِر. لَيسَ إلاَّ دَاخِلك، حَدَّ أرُوْح، فِي عَين القُوَّة. ولا اتَسَلَّطُ إلاَّ عَلَيك. ولا مَرَض ولا عُوَاء ولا حَاجِية. تَفْرِدُنِي بالخَاصَّة. فَارشُقُكَ بِعَرْشِي وقُوَّتِي. وتَكُونُ بِي. تَتَمَاثَلُ حَقِيقَةً. وَجَدْنَاهَا الصِّيغَةَ. جَدِيدَةً وتَلتَمِع. اطرُدُ الكِسُورَ. أُعَلِّمُها يَدَيكَ. وأُسَبِّحُ. أتَمَاثَلُ حقيقةً. اسْرِقْنِي. دَعْنِي انْخَطِِفُ خَطْفَتِي الأخيرة. مَاتَ الزَّمَان.





 لَسْتُ الجُثَّة ولا الذِّئب، وألْبَسَهُمَا فِي السَّلام. وأعينُكَ علي قَطْفَتِي الاخِيرَة. ولَن أخْلُو. فَاقْطِف. اقطِف سِحَابِي، وتَزَيَّأ لِعِبَادَتِي. لَسْتَ الجُثَّةَ ولا الذِّئب، وتَلْْبَسَهُمَا فِي السَّلام. سَتَرى. ولا اشَارَة ولا طَعْن ولا ضَيَاع. حَمَلْتُك بِبَطْنِي لِتَأكُلَنِي مَا حييت. وتَشُقُّنِي إليكَ، حَامِلاً التَصْفِيْفَةَ وأبْيَات الرَّقَم. تَلْبَسَنِي وَحدَك. ولا تَحتَاج. تَخرُجُ عَلَى هيئتِك بالمُفاجأة. فَتَتَصَارَحَان بالمُدُن والأقَانِيم.





 تَختِمُ عَلَيَّ بِحِرصِكَ وتَشتَدّ. اندَلِعُ فِي الملابِس. وتَرَانِي بِعَينِكَ، وتَسْمَعُنِي حِدُوسُكَ. فَاشتَدُّ عَلَيكَ بنَجمَتِي. ونَطِيرُ. نَدْخُلُ عَلَى الجَّمال لنُوقِظُه. ويَا ذَا الجَّمَال. يَسْقِيْ المِرتبَة والفَرَاش والسُّلُوك. تَندَلِعُ فِيَّ باللَّوح، ولا مَطَالِب ولا تَأويل. لا تُغَادِرُنِي. اقَطِّرُ اليوم،اتفَحَّصُه بِالكَامِل. لأحمِلُهُ إليكَ نَقِيَّاً. ولا تَأكُلُ إلاَّ يَدَيَّ. وتَنْمُوَان ثَانِيةً، لِتَأكُلَنِي؛ أنتَ شَبِيْهِي؛ فَلا تَشْبَعُ مُطْلَقَاً.





املأُ عَلَيكَ يَدَيكَ ونَظْرَتَك. فَتَهْتَاجُ وتَنْمُو بالحُظْوَة. اظهَرُ عَلَى اصَابِعكَ. تَنْجَذِبُ، تَنْجَذِب. اتَعَفَّرُ بِكَ مَا حييت. وتَرَانِي اصَفِّفُ حُدُوسَكَ واتَجَلَّى. تَتَجَلَّى بِرُوح الجَّدول وتُغْرِقُه. تَفِيضُ عَلَيَّ بالدَّمعةِ الغَالِيَة، الأخِيرة. فَأفِيْضُك. ونَكتُبُ الرِّياحَ بِالبَاطِن. تَقْرَأُ عَلَيّ مُسْوَدَّاتِكَ السِّرِّية. فَأترُكَ لَحْمِي فَارِغَاً، فَيَتَفَقَّدَني بِلحمِكَ، ولا طَعْمَ لِي. أنْتَ طَعْمِي. تُذَوِّبُنِي بِكَمَالِكَ، ومَا أعْذَب. لَستَ وَحدَكَ تَعْبُد. أنَا أعبُد. فَأقرأُ عَلَيكَ تَصْفِيْقةَ النَّظر.





اُطَاوِعُ المأدَبَةَ عَلَي قَلْبِي، كُلَّمَا رَأيتَنِي سَاحِبَاً رُوحَ الجدوَلِ إليكَ. تَحْشُونِي بِتَصْبِيرةِ الحَيَاة. حتَّى افعَلُ الحَياةَ ذَاتَها، الأصلِيَّة. يَااااه. كُلَّمَا دَخَلتُكَ، تَسحَبُ رُوحَ الجدولِ إليَّ. ولاغَزْو ولا جِرَاح ولا مَكِيدَة. أنتَ أبواب، وأنَا الدَّاخِل. الرَّقمُ المجنُونُ فِي أذْنِ المُعَاينَة. أنَا أبوَاب، وأنتَ دَاخِلي، حَقِيقَةً. اُطَوِّعُ العَافِيةَ، وأرشُدُ رِيَاحَكَ عَلَى مَهَبِّها الحَلِيم. نَقِّنِي. نَقِّنِي. تُصَفِّفُ دُمُوعِي، فَيَنْمُو شَجَرٌ وأباريقٌ من فضةٍ وذَهَب. أرحَمُك. ويَا ذَا الجَّمال.





وتَعْقِلُ الإشْرَاقَات، فَتَتَفَتَّحُ أهدَابُهَا. وتَظهَرُ لَهَا نَوَافِذٌ ومُدُن. أنتَ بإشرَاقَاتِكَ تَرْقُصُ. وتُدَوِّنُ الايقَاعَ بنَقْرَةٍ جَدِيدَةٍ، لا تُرى. ولا قَوَامِيس ولا تَرجَمة. تَتَفتَّحُ اشرَاقَاتِيَ عَلَيكَ. حَدَّ أتَكَسَّرُ، وأغِيب. تَلُوحُ بِالدَّاخِل. فأعْرِفُ نَفْسِي بِكَ. وانثُرُ عَلَيكَ أقمَارِي وطُيُورِي. وتَلْحَظنِي أتَعبَّدُ بِوَادِي الرَّهَافَة. فَتَنثُرُ عَلَيَّ قيامتِكَ. وأشَاهِدُك بِأنفَاسِي.





دَعْنِي احْلِبُ التَّصْفِيْقَةَ الحَجَرِيَّةَ لحدسِكَ؛ أنا البُسْتَان. أنتَ البُسْتَان. ولا مَنَاطِقَ ولا حدُود. بَعضُ قَفْزَاتٍ ونَقْش. أدَعُكَ نَائمَاً بِجَدْوَلِي، أدْخُلُ بِكَ الكِسُور. أدْخُلُ بِكَ الأبوَاب الظَّرْفِيَّة ، أدخُلُ بِكَ الإنْهِيَالات، أدخُلُ بِكَ الرَّجَاء، أدخُلُ؛ أنْجُو بِكَ، وأتَعَرَّضُ مَا حِييت. ماهَمَّ. أمُدُّكَ بِعِبَادَتِي، واسنُدُكَ، ولا ميل، حدَّ تَرُوْح. تهتزُّ، وتَعْرِف. تَعْرِفُ ولا تَحتَاج مطلَقَاً.  لَستَ وَحدَكَ تَعبُد. أنَا أعبُدُ. أرفَأُ جَسَدَكَ، فَلا ثُقُوب ولا استِخدَام. أنْتَ شَبِيْهِي وحَبِيْبِي . مَاتَ الزَّمَان.





أُهَدِّيءُ الأيَّامَ، تَشْفِيْنِي. وأدُّلُكَ على هَدِيَّتِي، لستَ وَحدَكَ. أنَا مَعَكَ. اُترجِمُ الملابسَ والزِّيارات. هَيَّا اشرِق. العتبةُ قَامَت. هَيَّا اشرِق. اشتِيَاقَاتٌ مِن نُورِكَ تُقَرِّصنُي وأجُتَاحُ. وأرقصُ. يااااا أخضري. أرقُص. هَيَّا اشرِق. سأُرَوِّضُ لكَ العُزلةَ واليَوم. تَشْفِيْنِي. اتَعَفَّرُ بِكَ مَا حييت. وتَرَانِي اصَفِّفُ حُدُوسَكَ واتَجَلَّى. تَتَجَلَّى بِرُوح الجَّدول وتُغْرِقُه. تَفِيضُ عَلَيَّ بالدَّمعةِ الغَالِيَة، الأخِيرة. فَأفِيْضُك. ونَكتُبُ الرِّياحَ بِالبَاطِن. هَيَّا اشرِق. تَلَفَّعْنِي بِالكَامِل، ولا تَدَعْنِي اخفُقُ إلاَّ مَسرُورَاً بِكَ فِي الجدوَل. مُسوَّراً بك حَدَّ أموت. هَيَّا. طَلَعَ البَابُ عَلَيْنَا اخيراً.


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الأغصان: حول إيضاحات الشاعر عاطف خيري لنصوصه القديمة

تنقيب الظلام الأغصان (حول إيضاحات الشاعر عاطف خيري لنصوصه القديمة) مأمون التلب يقول شاعرنا محمد المهدي المجذوب [1] : [نعم؛ في جانب مني شيخٌ حاسرُ الرأس من فقراء السودان (...) ولقد تعلَّمت من الشيخ الذي فيَّ أشياءَ كثيرةً، أولاً الخدمة، ولم تكن لي عنده مكانة خاصة تميِّزني عن الآخرين، (...) وكان يأمرني بتجويد الخط، والدراسة لا تنقطع؛ كل لحظةٍ امتحان، (...)، ولكن نفوري السِّري من ابن مالك كان شديداً، وكنت أستثقل الحريري سراً، فإذا وجدتُ فرصةً ـ وما كان أقل الفرص مع المراقبة الشديدة ـ خلوت إلى نفسي ألعب بالطين، وأرتد طفلاً حقيقياً يتحدث ويلعب مع نفسه الصغيرة التي ذابت في نفوس الجماعة الصارمة. وكنت أرى في الطين حصوناً وأناساً يتحركون، وكان يداخلني من هذا فرح لا يوصف. ولا أعلم كيف علم الشيخ بهذا العبث فلم يرضه، قال إنه لَهْوٌ مضيعة للوقت، وانفرد بي شيخ آخر فقرَّعَني على هذا الخروج، وحَدَس أنني سأكون مارقاً وكذا كذا، وحَوْقَلَ واستغفر، فهالَنِي ذلك وأفزعني، وجاء يوم كتبت فيه بيتين من الشعر على جدار، وقرأهما المعلم، ورأيت الانبساط في وجهه ولكنه أنكر المعنى؛ وكا...

مَن يَلحَمُ أبعادي - ملف الشاعر محمد المهدي المجذوب

مَن يَلحَمُ أبعادي ملف الشاعر محمد المهدي المجذوب مقدّمة طينيَّة: يُعيدني هذا الملف لأيامٍ عَوَالٍ. تضافرت جهود مجموعة من الشعراء والكتاب لأجل هذا الملف الفريد، بقدر فرادة الشاعر الذي نواجهه من خلاله. أُنجز إبّان عملنا بالقسم الثقافي بصحيفة (الأحداث)  ـ (تخوم) ـ في العام 2008م. كان القسم وقتها بضم شخصين، الشاعر أحمد النشادر وشخصي، وقد واتتنا الجرأة والخيال لإنجازِ مغامرةٍ بسيطة عن روحٍ شعريّة وفكريّة وحياتيّة هائلة، عاشت، مجذوبةً، في أرضِ السودان ذات يوم؛ كانت روحاً فريدة، زاهدة، وغنيّة بكلّ شيء. في هذه المقدّمة لا غرض لي أبداً ففي الأسفل يتضح كلّ شيء. هذا الملف في حاجة إلى قراءة وإعادة قراءة، في حاجةٍ إلى روحٍ تستطيع الاستمتاع بملذاته، يحتاج إلى روحٍ ذات أبعاد. اسم الملف، الذي يُنشر به هنا في (طينيا)، مستوحى من اسم المختارات الذي اختاره الكاتب محمد الصادق الحاج (من يَلحمُ أبعادي)، ثمّ ألحقه بمقالته المُخترقة للحُجب: (أتكتَّمْتُم على (هذا المجذوب)، أم لم تكونوا جديرين به؟). أفتتح الملف بما كتبناه كمقدّمة، وعادةً كنا نضع مقدّمات ملف تخوم تحت عنوان (تربة). ثم تأتي...

إجلالٌ ونفورٌ أمام كلام الربّ: حول الثورة و"قطار الليل إلى لشبونة"

تنقيبات طينيّة (13) خطاب أَ ماديو : " إجلا لٌ ونف ورٌ أمام كلام الربّ " حول الثورة و"قطار الليل إلى لشبونة" لباسكال مرسييه مأمون التلب مُقدِّمة طينيَّة: (1) أ عود مرةً أخرى إلى باب (تنقيبات الطينيّة) لقراء مد وّ نتنا ، حيث أزور كُ تُ باً وكُتّاباً آخرين ، وفي الحقيقة فإن الدَّاعي لدخول الباب عادةً يأتي من نصوصٍ وكتاباتٍ أثَّرت فيَّ حدّ الألم والمعاناة والفرح واللذة الهائلة، وغيَّرت فيَّ بعمق، وصراحةً لم يحدث ذلك من ذ مدّة؛ صحيح أنني استم ت عت بمئاتٍ من الكتب الجيّدة خلال سنوات ال ا نقطاع عن العودة هنا، تعلَّمتُ الكثير وانتقلتُ إلى عوالمٍ وبلادٍ وأناسٍ آخرين، إلا أنني فوّتُّ "قطار الليل إلى لشبونة" إلى هذه اللحظة، والتي يتكاملُ فيها عالم القطار مع عالمي الخاص وحياتي الراهنة؛ حيث العجز لا اليأس، والمراقبة لا المُشاركة، أي التقدّم في العمر محسوساً بقوّة، وبالضبط عند مشاهدة الاستبسال الخارق لأجيال اليوم وحلمهم ببناء عالمٍ جديد! إنه لمن المُدهش، بعد أكاليل الهزائم التي تطوّق أعناقنا بأشواكها، أن ترى الحياة تتجدَّد رغم أنف عدميّة وانغلاق آمال عالم ا...