غَيري
مأمون
التلب
هل
استسلَمت، أبداً؟ هل توقَّفت عن توهّم اللغة كياناً منحشراً فيك وحدك، مُتغذِّياً
وهاضماً ومُخرجاً ومستفرغاً، مكتئباً وخليقاً بالصراع والتدمير؟ بالولادة وتسليم
الحياة يداً بيدٍ لكلِّ شيء؟ لكل هذه التفاسير يداً بيد؟. إنَّ بمقدور شجرةٍ أن
تُعلِّمك أشدَّ ضراوةً من هذا كلّه، بل تزرع بذور العواء داخل كلّ اختلاجةٍ
يُضمرها جسدك، إن كان قد أخرجها أم من قَبل أن تُولَدَ على سطحه، فتكبرُ
مُتوحِّدةً خائفةً تُناوش بعضها البعض ، ومن ثمّ تُقتَتِل، داخلك! نعم داخلك!
هلاَّ
استسلَمت؟! فأنت تفعلُ هذا الاستسلام، بوقاحةٍ لم يَسبقك كائنٌ عليها، لما يسمّونه
"غرورك"! لكنّ جارتك الريح، وأولاد الحِلِّة ناس الأغصان وما يَحمله
اللُّعاب من مصائر وحبّ! هؤلاء، ألن تَستسلم لهم؟! أبداً؟. ارفِق بحركات الرموش
التي رُمِشَت في هذا العالم، والتكسيرات المُجرَّحات اللواتي تُعانيها بلا أسبابٍ
غامضةٍ حتَّى! هاذي العيون التاليةُ لها؛ يا واي! ما لهذه الحماقة الجماليّة
الدَبقة المفكّرة بما تحمله العين! وبما اُلتِهَمَ من كلامٍ في غيرِ لُغَتِك
مُتَسَرِّباً إلى داخلك يُغيّر أسماء أقدار مزارعك الداخليّة؛ مثلما تفعلُ قبلةٌ
تَصِلَك بالمحتويات! يا ربَّ المحتويات.
لم
تستلسم؛ وما يَصِلُكَ مباشرةً من خلوده فإنكَ لستَ أهلاً لمحبّته، ليس اليوم على
الأقل، وليست لياليك بقادرة على تصوّر كمّ الجحيمات الهائل المتَضَوَّر جوعاً خلف
خطوط اليدِ فَقَط؛ دَعك من الجَدول، وخفقة الجناح، والنوم!.
كيف
لا نستسلمُ ونحنُ حوامل بالخَجَل ذاته، والكوابيس ذاتها، كيف ونحن نَعرفُ أنه ليس
وضعاً للسلاح بقدر ما هو تحديقٌ إليه، من فوهةِ قبلاته الفارهة، ونرى هل بالإمكان
أن تَكون له نهاية؟ تجد أن السؤال كأن
تبدأ قضمَ تفّاحةٍ ظانَّاً أنها مجرَّد التّفاحة، تماماً كما تُعامل أنتَ الماء
دون أن تنظُرَ إلى عينيها؛ في الحقيقة كان نادراً، دائماً وبمرارةٍ، أن لا تَكتَشف
مكان العين، رغم أن مكان القلب مُعطَىً بطفاسةٍ ظَنَنتَ معها أنه مجرَّد القلب!. وكأنَّ
المرآة لم تتذوَّق طَعمَكَ يوماً؛ كأنَّ الاسماء لم تُسمَّى، والتضحية لم
تُدَشَّن، والمجازر المليئة بكامل فراغ العالم تحدثُ في مجرَّةٍ غير جسدك! غير
جسدي، غيري!.
يوليو
2012م.
تعليقات
إرسال تعليق