التخطي إلى المحتوى الرئيسي

«مفروش».. لمواجهة أزمة الكتاب، مجلة الدوحة


«مفروش».. لمواجهة أزمة الكتاب



الخرطوم: طاهر محمد علي

أنشر هنا ما كتبه الصحفي الطاهر محمد علي عن مشروع (مفروش) وأدعوكم، كذلك، للقاء يوم الثلاثاء المقبل، 2 أبريل 2013م، لمفروش آخر بساحة أتنيه (تقاطع القصر مع الجمهورية) كونوا معنا يا حبايبنا J.

في ظل اتساع أزمة صناعة الكتاب في السودان، وتراجع معدلات المطالعة، تبنت جماعة «عمل» الثقافية مبادرة شعبية، تتمثل في تنظيم معرض دوري لبيع واستبدال الكتب الجديدة والقديمة، أطلقت عليها اسم «مفروش»، وهو اسم مستلهم من تسمية سودانية لباعة الكتب المفروشة على الأرصفة.
ويتخذ المعرض مكاناً له بين العمارات العتيقة، ذات الطراز البريطاني القديم، وسط العاصمة الخرطوم، حيث ينظم المعرض عادة في أجواء احتفالية، بين محبي الاطلاع واقتناء الكتب، التي تباع بأسعار زهيدة. ولا يقتصر المعرض على بيع الكتب وتبادلها، إذ تنتظم، على الهامش، نشاطات ثقافية أخرى، مثل الندوات الشعرية، المعارض التشكيلية وحفلات الموسيقى.
ويقول منظمو المعرض إن فعالياتهم تهدف إلى تفعيل دور ومكانة الكتاب في الحياة السودانية، خصوصاً بعد اختفاء بعض المكتبات العامة، وتزايد صعوبات الطباعة والنشر. ويؤكد أحد مؤسسي المبادرة، الكاتب مأمون التلب بقوله: «استطعنا تنظيم سوق الكتاب (مفروش) أكثر من مرة، وننوي التواصل على ذات الدرب لتوسيع الوعي، ومواجهة أزمة الكتاب في الجامعات والمدارس. وتسهتدف المبادرة نفسها بالدرجة الأولى الشباب بغية رفع مستوى القراءة، مع نية توسيعها بالاتجاه إلى مدن سودانية أخرى».
ويكشف المتحدث ذاته عن مشاريع مستقبلية مماثلة طموحة، من بينها مشروع إحياء المكتبات القديمة مثل «مروي بوكشوب»، و«الدار السودانية للكتب». مع تنظيم يوم مفتوح الشهر الجاري يضم جميع دور النشر والمكتبات الخاصّة، مع التفكير في فعاليات تهدف إلى توضيح أزمة الكتاب في بلدٍ تتناقص فيه المكتبات العامّة، وتتقلص فيه حصص المطالعة في المناهج التعليميَّة عاماً بعد آخر.
والمعروف أن جماعة عمل الثقافية تأسست قبل نحو عام، على أيدي مجموعة من الكتّاب والتشكيليين والسينمائيين والصحافيين والمهتمين بالعمل الثقافي، معتمدة في نشاطها على موارد عضويتها المحدودة، لتنفيذ مشاريع ثقافية تكسر حالة الركود التي يعيشها المشهد الثقافي في السودان. 
أحد المنضوين للجماعة الناشط الثقافي إبراهيم الجريفاوي، يشير إلى أن أكثر العبارات التي سكنت خاطره منذ الصغر، عبارة «الثقافة هي أفق الحياة، وليس هناك حياة بدون أٌفق». مضيفاً: «هذا ما أظنه واحداً من دواعي تكوين جماعة تعمل في الثقافة، وفي أفق الحياة.. ما أحوجنا إلى جماعات ثقافية تدفع بجهدها لتحريك الساكن الثقافي في الخرطوم».
أما المحرر والكاتب الثقافي أسامة عباس فيصف مشهد المبادرة بالقول: «تحمل كتابك في يدك، وتنظر في كتب الآخرين لتبدل أو تبيع وتشتري، وحولك قرابة الخمسمئة شخص يتجولون بغرض التسوق في الكتب. هذه فكرة بسيطة وعبقرية». ويشير الناقد مصعب شريف، في حديثه لـ«الدوحة»: إلى أن مفروش«يعدّ شمعة في ظلام الثقافة الأحادية الـطويل، رهانه هو الاستمرارية، والمقدرة على مخاطبة الواقع المضطرب في السودان». مبيناً أن ما يميز المبادرة أنها مشروع ثقافي شبابي توعوي وتنويري مواز لما تقوم به وزارة الثقافة السودانية، التي اكتفت طوال العشرين عاماً الأخيرة بعرقلة المشروعات التنويرية ذات الطابع التقدمي ووأدها في مهدها. وتؤكد الصحافية مشاعر عبدالكريم: «أن الأعمال العظيمة لا تحتاج قطعاً إلى إعلانات ورعايات كبيرة حتى تُعرّف عن نفسها، وتحجز مكاناً متقدماً لها، لكنها تحتاج إلى اصطحاب الإيمان والقناعة بأن التغيير يبدأ بفعل صغير، وينتهى بتحولٍ عظيم. مثل المعرض الذي تحتاج فيه إلى اصطحاب الكتب والأصدقاء والأُسر للاستمتاع بنزهة واعية ومفيدة بين العناوين وأغلفة الكتب. إضافة إلى متعة ممارسة البيع والشراء، والمفاضلة في السعر لتبادل المعرفة». أما الناقد برعي الأبنوسي فهو لا يعتبر «مفروش» مجرد معرض للكتاب فحسب، إنما مساحة للتفاكر والتثاقف وتبادل المعرفة، ومحفز حقيقي للقارئ.
مجلة الدوحة:
http://www.aldohamagazine.com/article.aspx?n=B614549F-90A3-40A9-9499-2544068FA15D&d=20130301#.UVX5ORciJw9

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الأغصان: حول إيضاحات الشاعر عاطف خيري لنصوصه القديمة

تنقيب الظلام الأغصان (حول إيضاحات الشاعر عاطف خيري لنصوصه القديمة) مأمون التلب يقول شاعرنا محمد المهدي المجذوب [1] : [نعم؛ في جانب مني شيخٌ حاسرُ الرأس من فقراء السودان (...) ولقد تعلَّمت من الشيخ الذي فيَّ أشياءَ كثيرةً، أولاً الخدمة، ولم تكن لي عنده مكانة خاصة تميِّزني عن الآخرين، (...) وكان يأمرني بتجويد الخط، والدراسة لا تنقطع؛ كل لحظةٍ امتحان، (...)، ولكن نفوري السِّري من ابن مالك كان شديداً، وكنت أستثقل الحريري سراً، فإذا وجدتُ فرصةً ـ وما كان أقل الفرص مع المراقبة الشديدة ـ خلوت إلى نفسي ألعب بالطين، وأرتد طفلاً حقيقياً يتحدث ويلعب مع نفسه الصغيرة التي ذابت في نفوس الجماعة الصارمة. وكنت أرى في الطين حصوناً وأناساً يتحركون، وكان يداخلني من هذا فرح لا يوصف. ولا أعلم كيف علم الشيخ بهذا العبث فلم يرضه، قال إنه لَهْوٌ مضيعة للوقت، وانفرد بي شيخ آخر فقرَّعَني على هذا الخروج، وحَدَس أنني سأكون مارقاً وكذا كذا، وحَوْقَلَ واستغفر، فهالَنِي ذلك وأفزعني، وجاء يوم كتبت فيه بيتين من الشعر على جدار، وقرأهما المعلم، ورأيت الانبساط في وجهه ولكنه أنكر المعنى؛ وكا...

مَن يَلحَمُ أبعادي - ملف الشاعر محمد المهدي المجذوب

مَن يَلحَمُ أبعادي ملف الشاعر محمد المهدي المجذوب مقدّمة طينيَّة: يُعيدني هذا الملف لأيامٍ عَوَالٍ. تضافرت جهود مجموعة من الشعراء والكتاب لأجل هذا الملف الفريد، بقدر فرادة الشاعر الذي نواجهه من خلاله. أُنجز إبّان عملنا بالقسم الثقافي بصحيفة (الأحداث)  ـ (تخوم) ـ في العام 2008م. كان القسم وقتها بضم شخصين، الشاعر أحمد النشادر وشخصي، وقد واتتنا الجرأة والخيال لإنجازِ مغامرةٍ بسيطة عن روحٍ شعريّة وفكريّة وحياتيّة هائلة، عاشت، مجذوبةً، في أرضِ السودان ذات يوم؛ كانت روحاً فريدة، زاهدة، وغنيّة بكلّ شيء. في هذه المقدّمة لا غرض لي أبداً ففي الأسفل يتضح كلّ شيء. هذا الملف في حاجة إلى قراءة وإعادة قراءة، في حاجةٍ إلى روحٍ تستطيع الاستمتاع بملذاته، يحتاج إلى روحٍ ذات أبعاد. اسم الملف، الذي يُنشر به هنا في (طينيا)، مستوحى من اسم المختارات الذي اختاره الكاتب محمد الصادق الحاج (من يَلحمُ أبعادي)، ثمّ ألحقه بمقالته المُخترقة للحُجب: (أتكتَّمْتُم على (هذا المجذوب)، أم لم تكونوا جديرين به؟). أفتتح الملف بما كتبناه كمقدّمة، وعادةً كنا نضع مقدّمات ملف تخوم تحت عنوان (تربة). ثم تأتي...

إجلالٌ ونفورٌ أمام كلام الربّ: حول الثورة و"قطار الليل إلى لشبونة"

تنقيبات طينيّة (13) خطاب أَ ماديو : " إجلا لٌ ونف ورٌ أمام كلام الربّ " حول الثورة و"قطار الليل إلى لشبونة" لباسكال مرسييه مأمون التلب مُقدِّمة طينيَّة: (1) أ عود مرةً أخرى إلى باب (تنقيبات الطينيّة) لقراء مد وّ نتنا ، حيث أزور كُ تُ باً وكُتّاباً آخرين ، وفي الحقيقة فإن الدَّاعي لدخول الباب عادةً يأتي من نصوصٍ وكتاباتٍ أثَّرت فيَّ حدّ الألم والمعاناة والفرح واللذة الهائلة، وغيَّرت فيَّ بعمق، وصراحةً لم يحدث ذلك من ذ مدّة؛ صحيح أنني استم ت عت بمئاتٍ من الكتب الجيّدة خلال سنوات ال ا نقطاع عن العودة هنا، تعلَّمتُ الكثير وانتقلتُ إلى عوالمٍ وبلادٍ وأناسٍ آخرين، إلا أنني فوّتُّ "قطار الليل إلى لشبونة" إلى هذه اللحظة، والتي يتكاملُ فيها عالم القطار مع عالمي الخاص وحياتي الراهنة؛ حيث العجز لا اليأس، والمراقبة لا المُشاركة، أي التقدّم في العمر محسوساً بقوّة، وبالضبط عند مشاهدة الاستبسال الخارق لأجيال اليوم وحلمهم ببناء عالمٍ جديد! إنه لمن المُدهش، بعد أكاليل الهزائم التي تطوّق أعناقنا بأشواكها، أن ترى الحياة تتجدَّد رغم أنف عدميّة وانغلاق آمال عالم ا...