في الحمَّام الفضائي
مأمون التلب
ــــــــــــــــــــــــــــ
في ذراتٍ منسيَّةٍ من جسمكَ
تكمنُ قلاعٌ تُسَوِّرها بحار،
وفي قاعِ كلَّ قلبٍ من قلوب
نسائها ورجالها،
يكمن نهرٌ سريٌّ لا يَني يُعبِّرُ
عن نَفسه بالفيضان،
من حينٍ لآخر:
وسط
التحطيم يَرفعُ راياته الحالمة،
وسط ساحة الانتقام، حيث ترقص
الجثثُ لأجل إحياءِ بعضها،
يُلهب نيرانَه.
أنتَ لن ترى:
في ذراتٍ منسيّةٍ يكمن حلم
العدوّ،
يتصاعد الطين الذي لم تنتبه
لخيانته لك!
يتصاعد بخار الجثث،
وأنت، في الحمام الفضائي،
وسط النجوم، ولا تبالي.
وفي نهاية الممر
يكمن خنجر النهر،
بآياته، في انتظار غَرسِهِ البارِّ
في جِسمك:
الطبيعة لن تُبالي.
طَلبتَ الغفران بصوتٍ منخفضٍ،
إذ كان حلقكَ عالقاً في الأحشاءِ
الميَّتةِ من العالم،
حيث الجراثيمُ تُعلِّقُ ملابسها الداخليّة
على هدب عينيكَ
بحقوقٍ قانونيّةٍ مُطلقة.
طلبتَ الغفران،
وانتحى – من جانبِ قبركَ العزيز – كلَّ كَبَد.
وانتحى – من جانبِ قبركَ العزيز – كلَّ كَبَد.
والآن:
تعيشُ النارُ قروناً في خدمةِ
العار،
هي التي ألَّهت الخيال، وبجّلت
العاطفة
هي التي عرَّفتكَ بأمراضكَ؛
ونامت في حُضنِكَ مستدفئةً من نَفْسِها،
إنها
– من صَوتها –
تستعدّ لمكابدةِ الأبَد.
ــــــــــــــــــــــــــــ
31 يوليو 2016م
ــــــــــــــــــــــــــــ
الصورة تشريح ليوناردو دافينشي
بدا لي هذا الشُّغل الشِّعرِي، يا مامون، عند اوَّلِ قراءةٍ لي لهُ، قريباً في نفسِهِ من الأنفاس الفاتِكِةِ لأشغال نجلاء عثمان التَّوم ("نجُّو") الشعريَّة، وذلكم على التَّخصيصِ حينَمَا تُومِضُ كتابةُ نجلاء عثمان التَّوم ("نجُّو") بالإيجازِ اللا يقبلُ أكثر أو أقلّ منه (ذلك القسطاس الشعريِّ المستقيم الذي يأبى أيَّة زوائد كلاماتٍ مُخفِّفَة له لقارئه أو- على هيئةٍ ما أو أخرى- متواطئةً معه). غير أنَّنِي قد لمستُ فيه، مع ذلك ورغم الاختلاف البيِّن بين الهيئة العامَّة لكتابتك والهيئة العامَّة لكتابة نجلاء عثمان التَّوم وهيئة كتابة إبراهيم جعفر الشخصيَّة الاعترافيَّة، "تدخلين" لما قد يُوْلَجُ في بعض لغة ذلك الشَّاعر المدعو إبراهيم جعفر- حديثُي الكَبَدِ ومُكابدةِ الأبدِ، على وجهِ التَّعيين.
ردحذف