رأيت الثلج يغمر مدينتنا، رأيته في الحلم، كان واقعاً، كان حلماً حقيقيَّاً يُصاحب حمّى الملاريا المتخصصة بإصابتي إبّان طفولتي! في الحقيقة، كانت نتجية تلك الكوابيس، في نهايتها، أن تنتج شاعراً، كاتباً بالأحرى، ندعوه اليوم مأمون التلب. ما الذي حدث لذلك الصبي المغرورق بالعرق والأحلام والكوابيس؟ حدث له أن أحيا ما كان كامناً بداخله منذ الأزل! الجسد؟ يا له من معجزة، ويا لها من معجزة ساخرة!. رأيت الجليد يغمر السودان، والناس تفتقد القوت والدفء، ورأيت، كذلك، ضمن ذات السلسلة العجيبة من الأحلام، رأيت مدينتنا تُضرب بقنبلةٍ ذريّة، لكنها بُركانيّة في حقيقة الحلم؛ إذ تمددت (اللافا – الحمم البركانية) لتغمر المدينة ببطء عجيب؛ تتآكل البنايات الضخمة، تتآكل الأبراج في لهيب الجحيم المُتَبَركن! وكنت واقفاً في سطوح بيت المال، أراقب السماء الحمراء الجحيميّة، وقد هَبَط الطائر المُرتجى من سمائه ليختطف ظلِّي ويُنَجِّيه. لكن جسدي ـ يا إله جسدي ـ كان يحترق مع انكباب الحمم البركانية على البيت، أراه يتحطم، يرتطم بالجدران، ويتفتت، تماماً. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ لوحة: ميسرة محمد صالح