التخطي إلى المحتوى الرئيسي

المشاركات

عرض المشاركات من أغسطس, ٢٠٢١

الصبّارُ القليل - مأمون التلب

الصَبَّارُ القَلِيل مأمون التلب   (1) تنحني الأشجارُ وترتفعُ بعصافير تُراقبُ العالمَ بهكذا زوايا متأرجحة رقصَتُها الأخيرةُ هذه برياح خريفٍ مُنخَفِضَة، تأتي من خارج الأحلام السحيقة لمَدفوني المُدن، تجتازُ جُثثهم المخبئة حديثاً تحت أظافر النيل؛ مدسوسةً بين شعيرات جِلدِه المُنتَصِبة، إذ تُشيرُ بأسنّتها إلى بُقعٍ على أعناق الناس العابرة جسوره المهدّمة، بقعٌ تلمعُ لحظةَ تلتفتُ الأعناق لترتشف جلالاً مفقوداً نُهبَ من أرواحها؛ بنظرةٍ خاطفةٍ هادفةٍ بلا وعيٍ بأنانيّةٍ هائلةٍ تُبرِّرُها الحاجةُ إلى أجنحةٍ جديدة، إلى حقول عيونٍ جديدة.   (2) اليوم بَدَا أَثَرُ العاصفةِ عاصفاً: الأشجارُ الجّافة تتمدَّ عارضةً حطامها مائدةً لأعشاشٍ مُتخَيَّلة بأذهانٍ منتشرةٍ في الأجنحة وعَظمَة المنقارِ اللاقِط المُغرّد الصعلوك؛ هكذا بالضبط كان قلبك يَعمَل، بهمَّةٍ يُدوِّر دماءَه بأنحائك، مذكّراً حدقتكَ المعتَمة بأجناسٍ قديمةٍ من الأوامر المُمتِعة.   والآن، أراقبُ اليوم، مُطرِقاً، يتذكّر عاصفة الأمس؛ مهموماً كان ومُتحسِّراً، يسَّاقطُ أحلاماً مائيَّةً نبَعت من نومنا، وخَلَقَ منه