السوائل الخائنة مأمون التلب وكلما تغلّبت وجوهٌ على أخرى، تقلَّبت هموم عيونها وكَشَفت ما لم يُرَى . بدروبٍ لا تُفضي إلى مكانٍ وجَّهَتِ الجدرانُ أيامَ جمودها إليك؛ خَسَفَت أقمارها، وتوجَّعت من أشعِّة شموسها، وسمَّت الفضاء قلباً يَعُدُّ خطوات حياتك بفارغ القَتل . إنك منهم؛ الذين لا يقفون على وجه قبرٍ إلا ليحوّلوا ترابه سماءً طافية على ملامح وجه الميِّت؛ سماءٌ لم تعترف بها دياناتٌ ولم يقاتل لأجلها أحد. إنها السماء التي نَطَقَتْهَا شفتاك بلا طيور . لدمعتكِ لكلّ سائلٍ هائلٍ خانك وظَهَرَ نخبُ انحناءٍ كاملٍ لقوّةِ العالم؛ لهيكله السائر في الصحراء مُشبّعاً بالماء، ووجود العطش مَمحُوَّاً بكلّ من أساءَ إليك، وجود السراب مُتوّجاً بكلّ من لمح جوهرك . بوجهه المُختار بعناية انهزامات الضعف البشريّ، يُقلّب عضلاتهِ، مُفرزاً أمام كلّ شيءٍ قدرته على التحوّل؛ إنه يقهر الأسماء، ظنُّ البشر بأن الجماد جاهلٌ بوجوده وبمن يهدّدُ جُمودهُ . يلمس الأحياء بعنق زهرةٍ نابتةٍ لا تتباهى ...