تنقيب الظلام سُوق الثّورة مأمون التّلب إننا لا نتحدث عن سوقٍ اعتيادي، حيث تجدُ "الأخلاق" عذراً مُقنعاً للتمرّغ في الوحل، الانتحال والكذب والاحتيال، بل إن الأخلاق فيه ليست مطالبة باعتذار؛ جميع المُثُل والقوانين الاجتماعيَّة داخل حيّز أديان البشر التجاريَّة، أو ما نُحب أن نُسميه الاقتصاد وعلاقاته؛ جميعها تَقِفُ في صفّك: بدايةً بـ(أُكلوا أخوان واتحاسبوا تُجَّار)، نهايةً بصراع الأخوة والأخوات داخل العائلة الواحدة، يتفتَّتُ الأمر ليصل الإنسان في أصالته أمام نفسه ذاتها، ولكن دون تأثيرٍ يُذكر. لا شعور بالذنب، حتَّى في المحاكمات السياسيَّة تبدو تُهمة الفساد تافهة مُقارنةً بما يؤدّي إليه الفساد نفسه: الحرب. نحن لن نتحدث عن سوقٍ اعتيادي، ففي هذه الأنواع من الأسواق المريبة، والتي تنبت من العدم كتلك المُصاحبة لمباريات كرة القدم الكُبرى: تُباع أعلام منتخب الجزائر في الشوارع وكذلك الأعلام المصريَّة، فجأة يتلوّن الشارع بالأحمر والأخضر والأبيض! أقول، في هذه الأنوع من الأسواق، يجب على الجشع أن يتخفَّى في ثيابٍ جديدة، على أعضاء السوق الممحوق في ما فنى من حقبةٍ تاريخيّة ما...