التخطي إلى المحتوى الرئيسي

في وِرْد الوردة؛ هي لك، وأنت فيها في الوِرد - أميمة الفرجوني


اللوحة من أعمال John Singer Sergant




في وِرْد الوردة؛ هي لك، وأنت فيها في الوِرد 


 أميمة الفرجوني

(0)
لك، لست لك، لك، لست لك، لك، لست لك؛
كيف أكونُ لك وأنا لستُ لنَفسِي؟.

(1)
اليقينُ يَعرِفُ ولا يعرفني.

(2)
في عيون الوجد البيضاء المحلاَّةِ بلعاب نَحْلِ الوردة،
في العسليّ المحروق، وسامقاتِ التحقُّق وقيلولةِ التحديق في أُمِّ أفكاري،
أستريحُ ولا أستريح.
 وهو وَجْدٌ لا قرارَ له، وَقَعَ في ثقب  فتنةٍ سوداء.
إنها وِرد الوردة.

(3)
الريشةُ في يدك ووجهي في الريشة.
هي أَرفَقُ بي منكَ.

(4)
في بردياتِ الوصل قالت لغةٌ قديمةٌ مكتوبةٌ بسنان أقلام البوص،
 وحبرٍ مصنوعٍ من كُحلٍ مخلوطٍ بدموع أرامل الحرمان ودمِ مطاليق الأوهام؛
هناك، في أزقةِ "حِلَّتْنَا"،
الأمنياتُ تتجَزَّع من أكمام جِبابِ المارة السيارة عند خطوط العبور:
[احترس! الأحلامُ لا واقعية يأكلها الجوعى!
أنت وجهٌ في صفحةِ صفيحٍ تُرتَقُ بها النواقص في الخفاء في المدينة ذات الأسوار].
اعتصرني الحزنُ فتلَفْلَفْتُ في بتلاتِ عيش الريف فتلقفتني حنيةُ أيادي المزارعين،
بعيداً عن أسفلت الأرصفة؛ حيث تباعُ البطاطا العسلية شتاءاً بدلاً من حميمية الثرثرة التي لا أغراض لها إلا الثرثرة، كحجةٍ للالتصاق ببعضنا البعض، تماماً كحبيبات القندول في الشَرَا.


5
[على بحري تعومُ موجةٌ
قابضة باسطة]
قال التردد متردداً في حيرة من يريد ويأبى.
قلتُ: [ومَنْ ينتظرك والموتُ يخطف على غفلة؟
ألا ترى العلاقة بين القبض والبسط؟!، حسنٌ، عفوت لك  الأجابة].
الموتُ حداةُ ليلٍ بهائميٍّ أعرج ترعى في سهوله سلالاتٌ عوراء.
كيف لك أن تتفادى ما يأتيك من عُلُوِّ وِجْهَةِ عورتِك، عورةَ عَينك أعني، إن لم تمتلك عينيّ ذبابة،
أوليس هو هوسُ عُماةِ العينين على بصرٍ لا يرون سوى عوراتِ الجسد ينخرونها ليهدُّون بها أرواحِ السلالة؟!
[أهكذا تولد اللحظة]، قال.
قلتُ: [هي الآن نعيشها، لا تغافلك صناعتُها عنها فتتوه عنكَ ماهيتُها].
[إنها مُضَلِّلَةٌ ماكرةٌ إذاً] قال، في شبهِ يقينٍ، وانكفى يتأرجح بين أن يقبضها أو يبسطها فتطير.


(6)
هي الفرصة ُ تأتي أو لا تأتي.
تأتي فتخدع نفسك بأنها ستأتي مجدداً، وتتساهل في اغتنامها؛ لعلك سيد الفرص المكتوبةِ على ريش جوانح الطير تُسقط الذغب عليك كل ليلةٍ بوفرة، إنها خدعة الاسترخاء والغفلة في ريش النعام، إذاً لم لا تُسميها الوفرة بشدة والنوم في العسل؟: أجنةُ الغلال، دواجنٌ، أرنبيات، وأنت تبتسم في بلاهةِ الخمول. فأنت تتوفر حتى لنفسك بشدةٍ دون أن تغتنم الفرصة لتكون مع نفسك حقاً، أما أنا فمن سلالةِ لبن الطير فما الفرصةُ في أُمِّ عينِها إن لم تأتي ترفلُ في رحم الصدفة، بحيث تُولد وهي لا تعي بعد وجودَها الفعلي إلا وهي ترضع بين يديك حليب اقتناصها، ولا تترعرع إلا وهي حبلى بك بحيث تبدو ممتلئاً بها في ولعٍ وأنت بين مُصَدّقٍ ومُنكِر.
الدهشةُ سفير الأماني المحققة في ساعات البرذخ سَلاسلُ للتحليق وأنت جديرٌ به، إذاً إنه الارتقاء؛
لا تستعطف لعاب الشفقة وأنت تُلَوِّح في وجهي بكلمة "انتهازية"، لعَلَّكَ باخعٌ نَفْسَك على نثرها.


(7)
وكلسانِ يأسٍ فارغٍ ، أصبح ممتلئاً بدهشةٍ وترقب، مَدَّ التهديدُ اصبعه؛ أترى، هكذا تُغتَنَمُ الفرص، ابتسم في خبث ومتعة.
ياله من شرير؛ مُلَوِّحاً بالتخويف لَعَقَ شفتيه متذوِّقاً طعم اللحظة، سَقَّاطَةُ الباب وَقَعَت على رأس المُنَبِّه في إدرينالينه، رنَّ جرس أسنان الحقائب وهي  تَقْضُم شفاهها، وذَعَقَت صفارةُ أذنيه توووت، في نفس اللحظة كانت تنورات حَلَقَيها المتدلية من حلمتي أُذنيها تترنم، ويرتفع بها هواءُ الشَعْر بهذات رأسها المودعة؛
كأذني يقين فارةٌ من صرخةٍ  في مجازٍ داوٍ.
في البدء كان الضوء؛ ثم أرعدت السماء تحت عنقها عند انعكاس الضوء على الدلايات المعدنية.
ارتعد قلبه،
وارتعدت فرائص التحديد في سُنَةِ ما يُسمى بالمكتوب؛
أن تتخلى عن أعز ماتريد وِفق منظومة البشري للبشري يسترضيه،
علقمٌ أن تتخلى لتعطي من لا يستحق بدون مباشرة لأنك لا تعطيه هو؛
بل تعطي الوردة، والوردة تعطيه هو ما مَنَحْتَهُ أنتَ لها وما لن تمنحه هي لك في المقابل.
الوردة لاتقطفها، وتستطيع الحياة دون أن تقطفها؛
هكذا تعيش لا ترجو ولا تموت،
فتتنفس حتى لا تموت وأنت أحوج للموت منه إليك،
وحتى يتنفس العطش  من قِرَبِهِ المجوفة الرئتين،
تَنَفّس تَنَفّس وريقات براعم النقاء في وجهٍ لم يُكَابِد لوثة عناء،
واصرُخ صرخة ثقةٍ مترعةٍ بالتحقق في وجه جنينِ الشك حين يولد.


(8)
الليل أَنْزَلَ حديقته على سقف شعري فأنبت وردةً في فمي؛
 جذورُها قدمي،
أصابعُها خيلاءُ الوثبِ تشب،
جذورها الارتقاء المغرور متهكماً يعلو؛
 إنها الإلهة تكون،
إنها الموسيقى تنمو،
إنها الشغف يَلهَج،
والاستغراق في التوّ حيث تنبت الألحان ونرقصها؛
فروعُها الانبثاقُ من كافٍ وسط نُونَين،
نحو الآن،
 هنا،
 حيث ألنبتة أنا،
 أنا هي،
كلانا الإلهةُ تصرخ،
نعضّ في جُب أحلامنا الفاترة،
فتستيقظ نافورة،
وتشتعل في عتمة ليلها الساذج فوانيسُ المحرمُ إيقاظه،
المندسّ لصّ الباطن، العارفُ بالأمور؛
يقفز فوق الدهشة سورُ إرهاصات الأزمان الأولى حيث لا بدء،
والآن لا انتهاء إلا لانتهاء،
فتتقافز مياهُ أنفاس التوقع نحو السماء،
ومياهُ حلق السقف نحو الأرض،
وتحلق فراشاتُ الفضول كاشفةً منشور اللهفة لفضّ سرّ تلون الربيع في مآقي الوِرد.
لم أكن أدري أن للرموش مذمة السرقة والتجريح.

(9 )
شلال:
الحلق المثقوب لا تتجمع في قلبه مياه الارتواء،
العينُ وصلٌ أو ماء.


(10 )
الأبد أتاك مُشرعاً جناحيه؛
طائرٌ حطََّ،
وفنٌّ أَتَى،
هبط على كَفِّك وغَرَّد.
وَقَعَت أنغامه هكذا؛
 وقعت على أصابعك،
وقعت ثم ترنمت برفق،
حتى فاق اللاوجود،
وشهق الضجر،
فسقطنا أحاداً بسهمه في شقاقٍ من أمن الموت.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الأغصان: حول إيضاحات الشاعر عاطف خيري لنصوصه القديمة

تنقيب الظلام الأغصان (حول إيضاحات الشاعر عاطف خيري لنصوصه القديمة) مأمون التلب يقول شاعرنا محمد المهدي المجذوب [1] : [نعم؛ في جانب مني شيخٌ حاسرُ الرأس من فقراء السودان (...) ولقد تعلَّمت من الشيخ الذي فيَّ أشياءَ كثيرةً، أولاً الخدمة، ولم تكن لي عنده مكانة خاصة تميِّزني عن الآخرين، (...) وكان يأمرني بتجويد الخط، والدراسة لا تنقطع؛ كل لحظةٍ امتحان، (...)، ولكن نفوري السِّري من ابن مالك كان شديداً، وكنت أستثقل الحريري سراً، فإذا وجدتُ فرصةً ـ وما كان أقل الفرص مع المراقبة الشديدة ـ خلوت إلى نفسي ألعب بالطين، وأرتد طفلاً حقيقياً يتحدث ويلعب مع نفسه الصغيرة التي ذابت في نفوس الجماعة الصارمة. وكنت أرى في الطين حصوناً وأناساً يتحركون، وكان يداخلني من هذا فرح لا يوصف. ولا أعلم كيف علم الشيخ بهذا العبث فلم يرضه، قال إنه لَهْوٌ مضيعة للوقت، وانفرد بي شيخ آخر فقرَّعَني على هذا الخروج، وحَدَس أنني سأكون مارقاً وكذا كذا، وحَوْقَلَ واستغفر، فهالَنِي ذلك وأفزعني، وجاء يوم كتبت فيه بيتين من الشعر على جدار، وقرأهما المعلم، ورأيت الانبساط في وجهه ولكنه أنكر المعنى؛ وكا

سيَّارة الثورة: مواليد الثمانينات حيفهموني قاصد شنو - الكاتب مجهول

سيَّارة الثورة: مواليد الثمانينات حيفهموني قاصد شنو - الكاتب مجهول مقدّمة طينيّة: سيَّارة الثورة التكنولوجيّة (1) كم من الوقت انتظرت لأكتب عن هذا النص العجيب، والذي لم يُعرَف كاتبه إلى الآن، وربما يتعلَّق الأمر بالظروف والملابسات التي نُشر فيها هذا النص الطريف جداً والتراجيدي بهاويةٍ سوداويَّةٍ مُضحكة. أفهم، كما كتبت كثيراً من قبل، والكثيرون من قبلي، أن اتصال الإنسان مع أخيه الإنسان اندلع مع ثورة التكنولوجيا. ولكن لننظر إلى الثورة التكنولوجيّة الرابطة لأجزاء العالم بطريقةٍ أخرى، فبينما كان الرابط في الماضي عن طريق الحروب والاستعمار، رست السفن قبلهما، وأطلّ القطار مؤخراً، ثمَّ طارت الطائرة. لننظر لانطلاقة الثورة من بدايات القرن العشرين كـ(غِيْر) السيارة، وهو ما سأصل به لما ميَّز جيل مواليد الثمانينات. على الأقل في السودان. تنطلق السيارة في الغير رقم 4 بلا كابح وبسلاسة لانهائيّة، وهي المرحلة التي دخلت فيها الثورة التكنولوجيّة سوق التنافس الرأسمالي العابر للقارات. ففي العصر الذي يسمع به الناس بالتلفاز ويصلهم بعد مُختَرِعيه بعشرات السنوات، ولفئةٍ محددة جداً من البشر.

Life weapon’s dictatorship - By: Mamoun ElTilib

Life weapon’s dictatorship By: Mamoun ElTilib Translated By: Ibrahim Jaffar Introductions: ( Tayfara was a military slave of the Cavalry Divisions (the Divisions of Knights) which was relegated to the Sheiks-ministers of Hamaj .   He presumably has been enslaved during one of the sieges of Rajab to the Nuba Mountains within the course of his campaign against Kordofan, for he reached the age of reason in the era of Nasser wad Idris .   Imaginatively, we would correlate Tayfara’s memories of childhood with those of Dogalo Doguendan Ari ; a Nuba boy of the next generation who, like Tayfara, has been, as a young boy, enslaved and taken from his native land.   Dogalo , as a young man in his far-off exile, has vividly lived the memory of his homeland that has been sustained within his soul as a minute world of landscapes, distant and diminutive shapes; young kings wearing jewels and straddling horsebacks; steppes of azure color of bubbly plant under the pur