أَرمَلَةُ الوُجُود
مأمون التِّلب
حُبّ الأرض المُكثَّفُ في قُبلةٍ،
لُعابِ مُحبٍّ،
سلامِ صديقٍ،
وزحمة سيرٍ بجانب جدارٍ نحتته الذكريات.
حبُّ أرضٍ دائخٌ من شدّة جثثٍ جمَّلته؛
حَفِظَت عناوينه،
بعثت له رسائل اللهفة مكتوبةً في لحظات الشنق والقصف.
قرأ الحبُّ أنسجةً غاليةً لكراهيةٍ تَبرق في الظُلمات،
قرأ أحلام الرصاص السكران متمرِّغاً باللحمِ والدم،
والحديد القديم الذي ولَّدته الأرض رآه
يبكي في زوايا الألوان، الشعر والموسيقى.
بثورُ الأمل طَفَحت على جلدِ العاشقةِ أخيراً:
الوجوه المكبوتة في عروقها،
وبين شعيرات جلدها،
-المُتوَحّشةُ
بإتقانٍ باهر-
نَفَدَ صبرُها؛
في الصباح الباكر تسلَّقت الشَّعرَ والفرو والمخالب والأنياب،
زَمجَرت في أعماق المحيطات،
(راقبتنا الأسماك الميّتة في الأسواق فاغرةَ الفاه)
في الصباح أطلَّت على الهاوية من خلال كلّ العيون،
صَرَخت بكلّ الأصوات،
جَمَعت أبناءها إلى صدرها،
هَرسَتهم في حِجرِها،
حَنَّنت جسدها بدمائهم،
دَهَنتهم على الآفاق وفي أَنْفُسِنَا،
إنَّهُ حُبُّها هكذا.
"أرملةُ الوجودِ الأَبَديَّة"،
تعودُ إلى الأمعاء كلَّ ليلٍ
-حيث
البذور والجذور-
لتُنشِبَ كوابيسها في نَومَاتِ الحالمين؛
حيثُ تَمنحُ نَفسها مُسبقاً
-هي سيّدتنا!-
حقَّ أن تَسودَ أخيراً.
ـــــــــــــــــــــــــــ
الخرطوم
15
مارس 2020م
ـــــــــــــــــــــــــــ
الخرطوم
15 مارس 2020م
اللوحة: عبد الله محمد الطيب (أبسفة) 2019م
تعليقات
إرسال تعليق