التخطي إلى المحتوى الرئيسي

صدور الفتى من روخاس لمازن مصطفى


صدر كتاب سمح شديد للصديق الكاتب مازن مصطفى من 136 صفحة، عن منشورات كافكا؛ صدر بمنحة من مؤسسة المورد الثقافي. إسمو الفتى من روخاس (مات قبل أن يعرفني). وده الغلاف بتاعو. مبروك يا مزونة، ولي قدام

مختارات من نص الكتاب


 

1 - قَبلَ عَام

 

كُنَّا نَتَحدَّثُ عن حالته الصحيَّة المتدهورة،

فقلتُ ضاحكاً:

ـ «هو أذكى مِن إنُّو يموت قَبُل مَا يَعرفْنِي».

سَألنِي:

ـ «إنْتَا هِظَارَكْ دَا جَادِّي فِيهُو، صَاح؟»

ـ «طبعاً جَادِّي؛ المواضِيع دِي مَا بِتَحتَمِل الهِظَار»

قُلتُ بذات النَّبرة.

 

2- لسنوات

 

كنت غير قادر على الرسم؛ ببساطة كنت لا أشعر بالرغبة، كنت أستطيع تأمل أعمال تشبعني لآخرين فلماذا أرسم؟ إنهار طموحي الجمالي في هذه المنطقة، «وهذا ما يتوقف له الجميع!» قلت لنفسي لائماً؛ لم أشعر بالوصول، توقفت لأسباب أخرى لا أدركها الآن بوضوح. عزائي الفعلي كان الآتي: حين توقف ساباتو عن الكتابة إنصرف إلى الرسم، سأفعل مثله. متى سأنتحر إذن؟ الآن، أعترف بخجل، تتوارى ميولي الإنتحارية بعيداً جداً، وكأن الحياة صارت جميلة! ولا أحس باللحظة المناسبة، لأن اللحظة المناسبة تعني الوصول بصورة ما؛ أعلم أنني لا أحتملها، لا أحتمل الضئيل الذي سأكونه حينها، وسأموت ندماً إن جاءت وعلمتها ثم لم أغادر: لن أعلم بها؛ هذا أسوأ كابوس في الوهلة.

 

 

3 -  كُلُّهُ فِي الوَهلَة

 

تَعلمون أنَّه كُلّه في الوهلة؛

والوهلةُ أبدية.

4 - الأبدية

 

أخبَرَنَا رَامبو؛ مُستعادة.

 

 -----------
 

 


26- غَدَاً سَأَتَّخِذُ أَلف مَوقِفٍ مختَلِف

 

غَداً سأرفض ألفَ فكرةٍ أحِبُّهَا اليوم؛ غَداً ليس يومٌ آخر، الغَدُ مَعنَاهُ: شخصٌ آخر، ولو ثَقَّفنَا حساسياتنا لأُرِّخْنَا بِنا: في السَّادس مِن مَازن السَّابع والثَّمَانُون من ذِي الحيرة. كأنَّنا، المازِنُون، ثُقبٌ أسود يَلتَهِمُ الوجودَ كُلَّهُ. أنا كنتُ كُلَّ شَيءٍ، كَم كُنتُ كُلَّ شَيء. لكن، أظُنُّكَ كنتَ كُلَّ شَيء أَنتَ أَيضاً.
 
 
-----------------
 
 
41- الفَنَّانُ هُوَ الملحِدُ الوَحِيد
 
لأَنَّ عَدُوُّ الأَديان لم يكُن قَطُّ العِلم، لم يكن المعرفة؛ لأَنَّ الأَديان لم تَنبُع عن جَهل، بل عَن حيرة ميتافيزيقِية. العلمُ كَما بِطَابِعِهِ الأَدَاتِي، والإتجَاه التَّقَنِي المنسَكِب عَلَى وُجُوهِنَا مِثلَ نَهرِ مخاط طَويل ولَزِج منذ بَارمينيدس، يُكَرِّسُ للدِّين بحجب الحيرة الميتافيزيقية الخالدة؛ وكَذا تَفعل الإتجاهَات الوَضعية، رغم مُجَاهَراتِهَا الإلحادِيَّة الفخُورَة. وَحُدُهُ الفَنّ يا أرنستُو؛ يُقَوِّضُ الميتافيزيقا بواسِطَة تَبجِيلِهَا وإبتِكَارِها اللاَّنِهَائيّ.
-------------

 

119- لا تَنَم الآن؛ لا تَنَم، وتَعال نَقتَسِمُ الغَنِيمَة:

 

عُزلةٌ مُزَيَّنةٌ بِفَرو المحاولة الثَّمين، جُوعٌ يُكتب بينَ قَوسينِ فِي قَوائم الطَّعام كُلِّهَا، لهفةُ للبُلُوغ مَع حَسرةٍ مُسبَقَة، تَحدِيقةٌ دَاخل العَين تُبصِرُ تَحديقةً داخل العين، وثَرَواتٌ مِن قَلقِيَ وقَلَقك. غَامِضٌ ما أَودُّهُ، غَامِضٌ ما أَنا عَلَيهِ، فَتَعالَ نَقتَسِمُ الغَامِضَ كُلَّهُ، وتَعَالَ نَقتَسِمُ الجحيمَ الذي تَمنَحَهُ الغَفلَةُ لِعَينِي بِذَرِيعة الغَفلة. رَيبةٌ لا تَنتَهِي وصِرتُ ممسُوساً وجأَرَتْنِي صَوارِي العِقَاب المنصُوبة لِشَنقِ الخَطأ: تَعالَ نَقتَسِمُ المملكة؛ تَعالَ نَقتَسِمُ كُلَّ ما يَخُصَّنِي؛ أَي كُلَّ ما لَن أَعرِفَهُ. لا تَنَم قَبلَ أَن تَسحَل وَحشَتِي قَلبَك. بَعدَها: إصنَع نَهْنَهَاتِكَ وَحدَك؛ كَفَاكَ إستعارةً لِبُكَائي.


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الأغصان: حول إيضاحات الشاعر عاطف خيري لنصوصه القديمة

تنقيب الظلام الأغصان (حول إيضاحات الشاعر عاطف خيري لنصوصه القديمة) مأمون التلب يقول شاعرنا محمد المهدي المجذوب [1] : [نعم؛ في جانب مني شيخٌ حاسرُ الرأس من فقراء السودان (...) ولقد تعلَّمت من الشيخ الذي فيَّ أشياءَ كثيرةً، أولاً الخدمة، ولم تكن لي عنده مكانة خاصة تميِّزني عن الآخرين، (...) وكان يأمرني بتجويد الخط، والدراسة لا تنقطع؛ كل لحظةٍ امتحان، (...)، ولكن نفوري السِّري من ابن مالك كان شديداً، وكنت أستثقل الحريري سراً، فإذا وجدتُ فرصةً ـ وما كان أقل الفرص مع المراقبة الشديدة ـ خلوت إلى نفسي ألعب بالطين، وأرتد طفلاً حقيقياً يتحدث ويلعب مع نفسه الصغيرة التي ذابت في نفوس الجماعة الصارمة. وكنت أرى في الطين حصوناً وأناساً يتحركون، وكان يداخلني من هذا فرح لا يوصف. ولا أعلم كيف علم الشيخ بهذا العبث فلم يرضه، قال إنه لَهْوٌ مضيعة للوقت، وانفرد بي شيخ آخر فقرَّعَني على هذا الخروج، وحَدَس أنني سأكون مارقاً وكذا كذا، وحَوْقَلَ واستغفر، فهالَنِي ذلك وأفزعني، وجاء يوم كتبت فيه بيتين من الشعر على جدار، وقرأهما المعلم، ورأيت الانبساط في وجهه ولكنه أنكر المعنى؛ وكا...

مَن يَلحَمُ أبعادي - ملف الشاعر محمد المهدي المجذوب

مَن يَلحَمُ أبعادي ملف الشاعر محمد المهدي المجذوب مقدّمة طينيَّة: يُعيدني هذا الملف لأيامٍ عَوَالٍ. تضافرت جهود مجموعة من الشعراء والكتاب لأجل هذا الملف الفريد، بقدر فرادة الشاعر الذي نواجهه من خلاله. أُنجز إبّان عملنا بالقسم الثقافي بصحيفة (الأحداث)  ـ (تخوم) ـ في العام 2008م. كان القسم وقتها بضم شخصين، الشاعر أحمد النشادر وشخصي، وقد واتتنا الجرأة والخيال لإنجازِ مغامرةٍ بسيطة عن روحٍ شعريّة وفكريّة وحياتيّة هائلة، عاشت، مجذوبةً، في أرضِ السودان ذات يوم؛ كانت روحاً فريدة، زاهدة، وغنيّة بكلّ شيء. في هذه المقدّمة لا غرض لي أبداً ففي الأسفل يتضح كلّ شيء. هذا الملف في حاجة إلى قراءة وإعادة قراءة، في حاجةٍ إلى روحٍ تستطيع الاستمتاع بملذاته، يحتاج إلى روحٍ ذات أبعاد. اسم الملف، الذي يُنشر به هنا في (طينيا)، مستوحى من اسم المختارات الذي اختاره الكاتب محمد الصادق الحاج (من يَلحمُ أبعادي)، ثمّ ألحقه بمقالته المُخترقة للحُجب: (أتكتَّمْتُم على (هذا المجذوب)، أم لم تكونوا جديرين به؟). أفتتح الملف بما كتبناه كمقدّمة، وعادةً كنا نضع مقدّمات ملف تخوم تحت عنوان (تربة). ثم تأتي...

إجلالٌ ونفورٌ أمام كلام الربّ: حول الثورة و"قطار الليل إلى لشبونة"

تنقيبات طينيّة (13) خطاب أَ ماديو : " إجلا لٌ ونف ورٌ أمام كلام الربّ " حول الثورة و"قطار الليل إلى لشبونة" لباسكال مرسييه مأمون التلب مُقدِّمة طينيَّة: (1) أ عود مرةً أخرى إلى باب (تنقيبات الطينيّة) لقراء مد وّ نتنا ، حيث أزور كُ تُ باً وكُتّاباً آخرين ، وفي الحقيقة فإن الدَّاعي لدخول الباب عادةً يأتي من نصوصٍ وكتاباتٍ أثَّرت فيَّ حدّ الألم والمعاناة والفرح واللذة الهائلة، وغيَّرت فيَّ بعمق، وصراحةً لم يحدث ذلك من ذ مدّة؛ صحيح أنني استم ت عت بمئاتٍ من الكتب الجيّدة خلال سنوات ال ا نقطاع عن العودة هنا، تعلَّمتُ الكثير وانتقلتُ إلى عوالمٍ وبلادٍ وأناسٍ آخرين، إلا أنني فوّتُّ "قطار الليل إلى لشبونة" إلى هذه اللحظة، والتي يتكاملُ فيها عالم القطار مع عالمي الخاص وحياتي الراهنة؛ حيث العجز لا اليأس، والمراقبة لا المُشاركة، أي التقدّم في العمر محسوساً بقوّة، وبالضبط عند مشاهدة الاستبسال الخارق لأجيال اليوم وحلمهم ببناء عالمٍ جديد! إنه لمن المُدهش، بعد أكاليل الهزائم التي تطوّق أعناقنا بأشواكها، أن ترى الحياة تتجدَّد رغم أنف عدميّة وانغلاق آمال عالم ا...