التخطي إلى المحتوى الرئيسي

هل التقيت نفسك اليوم؟




هل التقيت نفسك اليوم؟.

شعرُ آخرٍ هائمٌ داخل شعرك
كشوارع ليليّةٍ هائمةٍ دون بشر، تخنقُ الليل إذ هو وحيدٌ أمامها؛
الأضواء تتدلّى من نوافذ العيون التي تتهشّم لتقول أنها تَرَى
الفاكهة النابتة من العيون لتقول أنها عمياء
العماء المقتصرُ على الصراخ:
أيتها الحقول التي تُحيط بالجسد، من سيّجك
وجذّر اسمه بتربتك ليشبه روحك؟.

هل التقيت نفسك اليوم؟

التقيتُهَا لكَ
بينما كُنتَ، أنتَ،
غافلاً عن ظَهْرِهَا المتقرّح بانحناء خيالاته؛
التقيتُهَا لكَ؛
وقد كانت، نفسُكَ، تقبّل جداراً نَظرتَ إليه دون أن تهتمّ،
كانت تُداعب سيقان مقطوعة تتراكض ولم تعتبر أنها، من الممكن، أن تكون مفقودةً منكَ
كانت تُخلِّع أضواء شموعٍ خُنِقت لأنك لم تعرف جمال سيلانها في الظلام، وشوقها له.

هل التقيت بنفسك اليوم؟. نَفْسُكَ كانت تتنفّس في هدوء الهواء المُنَافِسِ لك، إذ هي تبحث عن نسيانكَ لها والهواء يبحث عن نسيانكَ لهُ؛ يدخل جَسَدَك، يخرجُ، كجزء من جسدك لن تراه ولن تحسّ بأحقيته في الحياة أكثر من ما يمنحك من حياة،
أيها القلب المُستَعبد؛
أيها الذي يحتقر الدماء المخضوضة في أنحاء غُرفه لأنها تتشابه:
وَاجِه الصمت الكامن بين كل نبضةٍ ونبضة
هل ترى؟ وجهُ حامِلِكَ يتلوّى ألماً من فقدانه لملامحه؟.
هل التقيت بنفسك اليوم؟
هل تحمّلت صراخ نفسك الحَامِل بكلّ ثوبٍ تمزّق على جسدك،
كل جرحٍ اندمل على خَطَرك،
كلّ سهوٍ لم تلمحه عالماً حقيقيّاً؟.

تقرّب لما نال منكَ
وسّمه جوعك، والتئم معه لتختار شارعاً نائياً
في مدينةٍ، ربما تكون أنت أو تكون آخر، لتلتقي نفسك نَفسَاً هارباً منك ليُحييكَ
نَفَسٌ تكره وجوده، وهو الذي يحيكُكَ بكامل كرهك
بشَعْرِ آخرٍ نابتٍ داخل اختناقك
بكل ما بكَ؛ يُعميك عن نفسك التي لن تلتقيها.

 اللوحة: فان غوخ
5.6.2011

تعليقات

  1. جميلة يازول

    ردحذف
  2. كأنها نفسي التي لم التقها
    كحائط تقبله حين غفلتي، تقيمهه ركنا .. سارية النهار
    ولا تهشمه حين وحدته
    ولكن قلبي يدرك دمه ..
    وبعد ..
    ليتني التقي نفسا" لا هواء فيه
    نفسا" يعرف جهلي بتيارات النون والفاء المفتوحتين
    ويحيل السين إلى ياء تنعش
    الجسد
    والنفس
    وجدار وحيد
    تقبله.

    ردحذف
  3. أزال المؤلف هذا التعليق.

    ردحذف
  4. قصيدةٌ من شعرِ جون رامون جِمَانِيز*

    [ترجمة:- إبراهيم جعفر].

    هل أنا هو الذي جالَ الليلةَ
    في حجرتي أم هو الشَّحَّاذُ
    الذي تلَكّأ في حديقتي
    عندَ هبوطِ الليلِ؟
    نظرتُ حولي
    ووجدتُ كلَّ شيءٍ
    هو هو وليسَ هو هو ...
    هل كان الشِّبَّاكُ مفتوحاً؟
    هل لم أَكُنْ أنا نائماً؟
    هل الحديقةُ ما كانت شاحبَةَ الخُضْرة؟
    السَّماءُ كانت صافيةً وزرقاء ...
    وهنالكَ ثمةُ سحبٍ
    والرّيحُ عاصفةٌ
    والحديقةُ مظلمةٌ وقاتمةٌ.
    أظُنُّ شَعْرِي كانَ أسودا ...
    زِيِّي كان رماديّا
    وشَعرِي رمادِيّا
    وأنا ألبسُ ... أسوَدَا
    هل هذه مشيتي؟
    هل هذا الصّوت
    الذي هو الآنَ يتَرَجّعُ فيَّ
    له إيقاعات الصّوت الذي
    تعوّدتُ أن أملُكهُ؟
    هل أنا نفسي أم أنا الشّحّاذُ
    الذي كانَ متلَكِّئاً في حديقتي
    عندَ حلولِ اللّيل؟
    ونظرتُ حولي ...
    هنالكَ ثمةُ سحبٍ والرّيحُ عاصفةٌ ...
    الحديقةُ مظلِمةٌ وكئيبةٌ ...
    أنا أُجيءُ وأذهبُ ..
    هل ليسَ صحيحاً
    أنّني ما كُنتُ مُسْتَغْرَقَاً في النّوم؟
    شَعرِي رمادِيٌّ ... كلُّ شيءٍ
    هو هو وليس هو هو

    * أُخذت القصيدةُ من قُوَّة الصّمت: دروسٌ إضافيّة لدون جُوان، كارلوس كاستانَيْدَا، بلاك اسوان، لندن 1989.


    ردحذف
  5. يا سلام يا إبراهيم لكن ياخ، ولَّعت لي نار تحت القصيدة بتاعتي بتعليقك العظيم ده :)

    ردحذف
  6. ما يجعل النص مختلفا عن معظم قصائد النثر الراهنة ، انها ليست محاولة لمراكمة أكبر عدد من الصور الذهنية ، و ترك الصور المتراكمة حائرة منفصلة تتسول المعاني ، استنادا إلى خرافة النسبوية و اللا معيار التي يريد بعض انصاف الشعراء أن يعلقوا عليها عقمهم الجمالي ، انا اشكر مأمون التلب لأنه ينصف قصيدة النثر هنا و ينتصر لواحدة من أهم خصائصها : وحدة الموضوع ، فالخطأ الفادح الذي يقعون فيه هؤلاء الشعراء المبتذلون ، هو مراكمة صور بصورة لا نهائية انسياقا تحول قصيدة النثر من جنس أدبي يكثف معنى معين إلى ملحمة لا نهائية من المعاني الغامضة تخلقها شهوة خلق صور جميلة بريشة الدلالة .

    شكراً التلب ، بعض النصوص خطايا فادحة و بعض النصوص قصاص
    هذا النص قصاص .

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الأغصان: حول إيضاحات الشاعر عاطف خيري لنصوصه القديمة

تنقيب الظلام الأغصان (حول إيضاحات الشاعر عاطف خيري لنصوصه القديمة) مأمون التلب يقول شاعرنا محمد المهدي المجذوب [1] : [نعم؛ في جانب مني شيخٌ حاسرُ الرأس من فقراء السودان (...) ولقد تعلَّمت من الشيخ الذي فيَّ أشياءَ كثيرةً، أولاً الخدمة، ولم تكن لي عنده مكانة خاصة تميِّزني عن الآخرين، (...) وكان يأمرني بتجويد الخط، والدراسة لا تنقطع؛ كل لحظةٍ امتحان، (...)، ولكن نفوري السِّري من ابن مالك كان شديداً، وكنت أستثقل الحريري سراً، فإذا وجدتُ فرصةً ـ وما كان أقل الفرص مع المراقبة الشديدة ـ خلوت إلى نفسي ألعب بالطين، وأرتد طفلاً حقيقياً يتحدث ويلعب مع نفسه الصغيرة التي ذابت في نفوس الجماعة الصارمة. وكنت أرى في الطين حصوناً وأناساً يتحركون، وكان يداخلني من هذا فرح لا يوصف. ولا أعلم كيف علم الشيخ بهذا العبث فلم يرضه، قال إنه لَهْوٌ مضيعة للوقت، وانفرد بي شيخ آخر فقرَّعَني على هذا الخروج، وحَدَس أنني سأكون مارقاً وكذا كذا، وحَوْقَلَ واستغفر، فهالَنِي ذلك وأفزعني، وجاء يوم كتبت فيه بيتين من الشعر على جدار، وقرأهما المعلم، ورأيت الانبساط في وجهه ولكنه أنكر المعنى؛ وكا

سيَّارة الثورة: مواليد الثمانينات حيفهموني قاصد شنو - الكاتب مجهول

سيَّارة الثورة: مواليد الثمانينات حيفهموني قاصد شنو - الكاتب مجهول مقدّمة طينيّة: سيَّارة الثورة التكنولوجيّة (1) كم من الوقت انتظرت لأكتب عن هذا النص العجيب، والذي لم يُعرَف كاتبه إلى الآن، وربما يتعلَّق الأمر بالظروف والملابسات التي نُشر فيها هذا النص الطريف جداً والتراجيدي بهاويةٍ سوداويَّةٍ مُضحكة. أفهم، كما كتبت كثيراً من قبل، والكثيرون من قبلي، أن اتصال الإنسان مع أخيه الإنسان اندلع مع ثورة التكنولوجيا. ولكن لننظر إلى الثورة التكنولوجيّة الرابطة لأجزاء العالم بطريقةٍ أخرى، فبينما كان الرابط في الماضي عن طريق الحروب والاستعمار، رست السفن قبلهما، وأطلّ القطار مؤخراً، ثمَّ طارت الطائرة. لننظر لانطلاقة الثورة من بدايات القرن العشرين كـ(غِيْر) السيارة، وهو ما سأصل به لما ميَّز جيل مواليد الثمانينات. على الأقل في السودان. تنطلق السيارة في الغير رقم 4 بلا كابح وبسلاسة لانهائيّة، وهي المرحلة التي دخلت فيها الثورة التكنولوجيّة سوق التنافس الرأسمالي العابر للقارات. ففي العصر الذي يسمع به الناس بالتلفاز ويصلهم بعد مُختَرِعيه بعشرات السنوات، ولفئةٍ محددة جداً من البشر.

Life weapon’s dictatorship - By: Mamoun ElTilib

Life weapon’s dictatorship By: Mamoun ElTilib Translated By: Ibrahim Jaffar Introductions: ( Tayfara was a military slave of the Cavalry Divisions (the Divisions of Knights) which was relegated to the Sheiks-ministers of Hamaj .   He presumably has been enslaved during one of the sieges of Rajab to the Nuba Mountains within the course of his campaign against Kordofan, for he reached the age of reason in the era of Nasser wad Idris .   Imaginatively, we would correlate Tayfara’s memories of childhood with those of Dogalo Doguendan Ari ; a Nuba boy of the next generation who, like Tayfara, has been, as a young boy, enslaved and taken from his native land.   Dogalo , as a young man in his far-off exile, has vividly lived the memory of his homeland that has been sustained within his soul as a minute world of landscapes, distant and diminutive shapes; young kings wearing jewels and straddling horsebacks; steppes of azure color of bubbly plant under the pur