مِنْ
آخِرِ السَّنَوَات
مِنْ
آخِرِ السَّنَوَات،
مِن
آخِرِ قِطْعَةٍ فِي ثَوْبِهَا،
وهِيَ
تُرَفْرِفُ غَاوِيَةً هَوَاءَ التَّارِيْخِ العَلِيْلِ، بِرِئَةٍ سَكْرَانَةٍ
بالشَّمَاتَة
مِن
آخِرِهَا الْمُسَمَّرِ بالنُّبُوءَات،
الْمَشْفُوعِ
بِنُبُوغِ السَّحَرَةِ وشَحَّاذِي العَمَى:
الْمُرَقَّمْ،
الهَالِكِ بأشْلاءِ الْمُلُوكِ
الْمُغْرِيَة، الْمُهَدَّلِ بِغَنَجِ الحُورِ العِيْن، الْمَجْرُوحِ بالخَيَالِ
المُطْلَق.
من
آخرها:
تَخْرُجُ
شَمْسٌ كَاذِبَةٌ،
بِخَطَوَاتٍ
خَفِيْفَة،
دُونَ
أنْ تَحْرِقَ القمَاشَ الوَاهِي، الفَقِيْر.
تُعَلِّمُ الأَرْضَ، الَّتِي تَسْتَقْبِلُهَا،
تَوَهَانَ الحِسِّ المُعَرِّضِ لِلْحُبِّ وتَضْحَك...
لَمْ
تَخْتَلِف الصُّورَةُ كَثِيْرَاً،
فِي أوِّلِ السَّنَوَاتِ كَانَتْ
اليَدُ البَشَرِيَّةُ مُجَوَّفَةً بِشَكْلٍ مَعْقُولٍ لِتَحْتَوِي الشَّمْس،
والَّتِي تَتَسَلَّلُ الآنَ هَارِبَةً، تَجْوِيْفٌ دَائريٌّ ثائرٌ بالبِدَايَةِ
والنِّهَايَة، دَاخِلَهَا تَتَلألأُ صُوَرُ المُدُنِ، الغَابَاتِ، الحَرَائِقِ
المُعَلاَّةِ عَلَى سُطُوحِ القُرَى، عُيُونِ الأطْفَالِ البَعِيْدَةِ وهِيَ
تَشِدُّ انْتِبَاهَ الأمْطَارِ العَابِرَة، تَتَكَثَّفُ صَرخَاتِ الإنَاثِ
التَّائِهَاتِ فِي الدَّغْلِ البَائِر بَيْنَمَا تَتَغَزَّلُ مِيَاهُ البُحَيْرَاتِ
بأجْسَادِهِنَّ الضَّاوِيَة، صورُ الثَّعَالِبِ الوَحِيْدَةِ وَهِيَ تَتَسَامَرُ
أَمَامَ جُحُورِ الأرَانِبِ الشَّهِيْدَةِ، الجِّبَالِ بِسَلاسِلِهَا
الجَّمِيْلَةِ المُحَلاَّةِ بِقَلائِدَ مَحْبُوكَةٍ بالجَّمَاجِمِ البرَّاقَة، و للمُحِيْطَاتِ
أحْوَالُهَا الشَّارِدَةُ فِي تَفْسِيْرِ الحُريِّةِ الميِّتَةِ فِي قَاعِهَا..
دَاخِلَهَا
كَانَتْ الصَّيْحَةُ الخَالِدَة
والجَّسَدُ خَالِقُ الصَّدَى
والرُّوحُ كَاتِبَةُ مَسْرَحِيَّةِ
القَبْرِ عَلَى تُرْبَتِهَا.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مقطع من (جنة العميان)، 2007م
اللوحة: فان جوخ
تعليقات
إرسال تعليق