التخطي إلى المحتوى الرئيسي

نَحوَ حركةٍ شعريَّةٍ عالميَّة

نَحوَ حركةٍ شعريَّةٍ عالميَّة
مأمون التلب



الشاعر محمد المهدي المجذوب: بورتريه بريشة عماد عبد  الله


"1"
منذ مدّةٍ تتفرَّع الأفكار في رأسي حول موضوعات تتعلق بما أطلقنا عليه مؤخراً "الحركة الشعريَّة"، وكلما زاد التفاعل بيني وآخرين؛ اللقاءات اليوميّة بشعراء، التحدث إليهم عبر الإنترنت، قراءة أنشطتهم وكتاباتهم المنتشرة في مواقع ذات طابع فريد وجديد تنبت هنا وهناك في كلّ يوم. أقول، كلما زاد تفاعلي كلما تفرَّعت هذه الأفكار بطريقةٍ سحريَّةٍ وممتعة.
نَشَر الرسَّام التشكيلي عماد عبد الله بورتريه جميلاً جداً للشاعر الراحل محمد المهدي المجذوب، ثم بدأ يتذكر ويحكي عنه، ثم تذكرتُ ذلك الشيء المَهول الذي حَدَث داخل ملف "تخوم" الثقافي بصحيفة الأحداث في العام 2008، وتلك المختارات العجيبة التي أعدّها الشاعر محمد الصادق الحاج، وقدَّمها بمقالٍ ملتهبٍ وجبّار تحت عنوان: "أتكتّمتم على هذا المجذوب أم لم تكونوا جديرين به؟". سأعود لهذا الملف في كتابةٍ أخرى، ولكن ما يهمّني الآن في تلك المختارات هذه الجملة التي وضعها الشاعر الصادق الرضي مقدّمةً لديوانه (متاهة السلطان)، قالها المجذوب: "أحلم بجيلٍ يجعل الكتابة جزءاً من العيش، كَشُرب الماء!".
عندما قرأت هذه الجملة اليوم تكشَّفت لي عن معنىً مُغاير، اكتشاف مُفرح ومخيف في ذات الوقت: أن هذا الجيل قد وُلِدَ فعلاً، وهو يعيش اليوم، ولكنه لا ينتبه أن ما يقوم به يوميّاً، كجزءٍ من العيش، كشرب الماء، هو في حقيقته كتابة! الجميع يكتب يوميّاً، وباستمرارٍ كشرب الماء، ولكنهم ـ وهو الأمر المخيف والمرعب ـ لا يُدرِكُون ذلك، بل هم لا يشعرون بتأثيره المدمّر، هم مثل أطفالٍ عثروا على قنبلة يدوية في الحقول، فلَهوا بها حتَّى انفجرت ومزّقتهم تمزيقا. أما المُفرح فهو أنهم يقومون بفعل الكتابة، وأن تغيير هذا الوضع ممكن، بل وبدأ، وبذات السلاح: الكتابة.
هذا النوع من النضال الجديد، نسبةً لانوجاد سلاح الكتابة الجديد في يدِ كلّ شخصٍ يحمل هاتفاً ذكيّاً؛ هذا النوع من النضال قد بدأ فعليّاً، الكثير من كاتبات وكتاب اليوم، وأغلبهم من الشعراء "شعر هنا تشمل الفنون.. جميع الفنون"، ومن مستهلكي الأدب والشعر؛ يقدّمون نماذج باهرة للمهارة والحنكة في استخدام سلاح الكتابة، يدفعون يومياً بعشرات المقالات والنصوص الأدبيّة المؤثّرة، ويُثبتون أن ميقات اندلاع الكتابة قد حانَ تماماً؛ فبعد أن سيطر الغناء والموسيقى على التأثير العابر للحدود، والتأثير الكبير على الجماهير، فُتِحت الحدود أمام الكتابة من جديد بعد أن تراجعت خلال النصف الثاني من القرن العشرين؛ أفلس الكتّاب وانهار النشر وبارت المكتبات وقِيلَ كثيراً إن زمن الشعر انتهى! ولكن، ما الذي يُمكن أن يُحسّن من كتابة هذا الجيل غير الشعر؟ إنّه الفن الذي يستطيع أن يُغيّر، يمنح هذا السلاح حياةً وخيالاً ولغةً لا تَفنى. الشعر المذكور هنا يدخل في كلّ نصٍّ مفتوح؛ تدوين حالتك على "فيسبوك"، نص أدبي شعري، صورة أو لوحة، كاريكاتير مُتَعَمِّق،... أي كل ما يُكتب.
"2"
كتابة اليوم لا يمكن أن تنفصل عن الجذور التي وجدتها مُركَّزةً في الواقع، لذلك فهي كتابةٌ فَتَّاكة، قاتلة، مُحرِّضة على الحرب والتدمير والتَهلكة؛ فعندما رُبطَ البشر ببعضهم في السنوات القليلة الماضية، تبدَّت القسوة وتفجّر الإنهاك الذي يعانونه واقعيّاً، وهذا يخص الأجيال التي عبرت من عالمٍ قديمٍ إلى هذا العالم الجديد كليّاً وهي في كامل وعيها؛ أي منذ خمسينيات القرن الماضي إلى يومنا هذا. ولكن، جميعنا يُلاحظ، وربما بافتتانٍ في أغلب الأحيان، الاختلاف الخلاق الذي تنتجه الأجيال المُتجرّدة من أحقاد الحروب والضراوة التي ميّزت مدّة الانتقال هذه، وإليهم يجب أن نتوجّه بحركتنا الشعريّة، فعمادها هُم، ونحن، المهاويس، نُحاول بشقّ الأنفس أن ننال من صفاء اختلافهم وأن نندمج فيهم ونصبح جميعنا، بلا أجيال ولا أعمار ولا حدود، قوّة واحدة ضاربة.
كنت قد كتبت، في العام 2007، ضمن كتابٍ مُشترك، هذه الجملة عن "سلاح الكتابة"، ولم أنتبه لهذه الأفكار وهي تعتمل داخلها/داخلي منذ ذلك الزمن، فالشعر مُفاجئ وعابر للأزمنة والأمكنةِ تماماً. هذا النص الشعري معلّق على صدر مدونتي "طينيا" كجملةٍ تعريفيّة للمدونة ذاتها، يقول في جزءٍ منه: [وإن كانت الكتابةُ هي بارودٌ أو سلاحٌ هُرِّبَ بدقَّةٍ، ومُسِحَت عنهُ ملامحُ الشياطينِ التي كانت تغفو بهِ هناك (مرمِّمَةً أقدامهُ بقيعان محيطات العالم الآخر، التي هي ليست ماء، وليست فضلاتَ سُحبٍ، وإنما نظرةُ طائرٍ تائهٍ داخل صوته العابر للمحيط)، مُسِحَت الملامح لكي يُصْبِح هذا السلاحُ متداولاً، بين يَدي الكائن السابق لاختراعِ اللُّغةَ، دونَ أن تُثِيْرَ شَكَّ الأجِنَّة في الأرحام، والصرخاتِ النابعةِ من دمٍ يلتهمُ لذَّةَ رعبٍ، والمراوغاتِ الأخلاقيَّةِ للعدمِ المسكونِ بأنفاسِهِ الأخيرة، والنظرةِ بشقَّيها: (الأجْنَح والأَتْرَبْ). وبعد ذلك يأتي مأفونٌ لينفُضَ الجريمةَ من سَطْحِهِ اللَّماع، ويُغلقُ على وجههِ البابَ البعيدَ الغَارِبَ ويُدرِكُ هُيامَ الواقع، بل وتحقُّقَه، داخل كلِّ هذه المرايا المتقابلةِ بعنفٍ لا يغفر الالتفاتة، ولا يَقْبَلُ الشهقة الخالية من التحطيم العارف، فإن هذا المأفون بالجَحِيم سيُكْرَمُ، وبالذلِّ داخل قلبِ الرحمةِ سينبضُ دون توقُّف. آن للجِدار الْمُثَقَّبِ أن يُبِيْدَ نَفْسَهُ بنَفْسِهِ، يفعلُ ذلك بمجرَّد أنْ تَجرَّد وجُودُنا بشتَّى رُعبهِ الطبيعيّ. وأقول (آن)، لأنَّ كل لحظةٍ تمرُّ؛ تحطيمٌ، وكل نظرةٍ خائنةٍ إليهِ؛ إرادة].

"3"
من نماذج الحركة الشعريّة المُبهرة في تاريخ السودان القديم، حركة التغيير الاجتماعي التي قادها الشيخ "فرح ود تكتوك" إبّان انهيار مملكة سنّار، وجاءت سيرته كما يلي: "هو الشيخ فرح ود تكتوك البطحاني، درس العقائد على الفقيه أرباب ولازم الخطيب عمار، وقرأ عليه عِلْم العربية، وكان شاعراً ماهراً، وكلامه مطرباً جاذباً للقلوب، وله كلام في التفسير والتوحيد والأدب، وكان يرخص الدنيا (1)، ونعى فيها جميع العلماء والصالحين في قوله: وين أولاد جابر... الخ"(2). كتب عنه الشاعر والباحث ميرغني ديشاب: "يبرز الشيخ فرح ود تكتوك بلغته الخاصة وكأنه يخرج من اللّغة إلى اللغة التي يتعهّدها هو، ويغذيها بما يبتكر منها لها، مما يزيد من بهائها لدى المتلقّي، ولا تقولنَّ إنه أراد بلغته العامية قصد (إفهام العامة) كما قِيلَ في كتاب الطبقات؛ لكنّه أراد بها أن تُفهم العامية ثم تُرفع إلى مستوى إصلاحِه الاجتماعي، فلغته مقصودة لذاتها"(3). ثمّ إننا، عندما نُعاين إلى الواقع الذي نشأ فيه الشيخ فرح، وأعملَ فيه سلاحه الشعري، سنرى تطابقاً لا بأس به بينه وبين ما نعيشه اليوم، إلا أن الفرق الوحيد والجوهري هنا أن الحركة الشعريّة اليوم لم تنحصر بالممالك والدول والشعوب، وإنما أصبح الكلام "بالخيوت"* كما تنبأ الشيخ فرح نفسه في مقولةٍ له. فلننظر إلى واقعه مما كتب باحثٌ افتبس عنه ميرغني ديشاب في ذات الكتاب: "أدَّى امتلاكُ الفقهاء للثروة إلى نموِّ مفاهيم بعيدة عن الدين، وأصبح فيها الغِنَى والجاه محط الاهتمام، وسادت في المجتمع قيم مادية صرفة سعى فيها الفقيه إلى زيادة ثروته بكل السبل؛ فابتعد بسلوكه عن الدين، وأصبح سيداً له خَدَمه وأتباعه. وبمثل هذا السلوك، سادت قيم التبطّل في المجتمع، وصارت قيمة العمل في مجتمع زراعي قائم على الجهد قيمةً دنيا؛ فقد رأى الناس شيوخهم قاعدين يخدمهم الآخرون، ورأوا الشيخ الفقيه لا يُقَاس بمقدار علمه وتفقّهه بل بحجم من يخدمه من الحواريين والأتباع، وبما يملكه من أراضٍ وماشيةٍ ورقيق.
تلك هي الخلفية التي قامت عليها مؤسسة الشيخ فرح ود تكتوك الاجتماعية، التي حَرِصَ على أن تقوم على نقيض مؤسسات أولئك الفقهاء، على أن تكون مدرسةً اجتماعية ومؤسسة تربوية لكل أفراد المجتمع؛ خاصةً أتباع الشيوخ والفقهاء. وقد أدرك الشيخ فرح ود تكتوك بذكائه الفطري أن طريق مؤسسته إلى بثِّ القيم ونَشْرِ دعوته الإصلاحية لن يكون إلا بالاتصال المباشر القائم على ركيزتين: أولاهما تقديم النموذج سلوكاً وفعلاً، وثانيتهما دَعْم الفِعْل بالقول البليغ المؤثر"(4). قصدت بإيرادي لفرح هنا، أن أقول إن الركيزتين اللتين اعتمد عليهما تلعبان اليوم دوراً إعصاريّاً في عمليّة التغيير، وهما مبذولتان في الفضاء، والشعر هو المدخل. طبعاً، مع الاختلاف مع كلمة "إصلاح" هذه، إذ أنها باتت من الكلمات المُهتَّكة، المُنتَهَكة، وحركة اليوم الشعريّة تعمل، بقوّة، من متابعتي لها، على تفتيت جثث الكلمات وإعادة إحيائها بأشكالٍ مختلفةٍ من جديد. انبعاثٌ للغةٍ وتعابيرٍ جديدةٍ وإبادة كلمات العالم القديم المتفسّخة.
"4"
والآن، أنظر إلى ما يحدث للسودان وأرى أن حركته الشعريّة قد بدأت منذ أزمنةٍ بعيدة، ولكنها اشتدت جداً وبقوّة في العشر سنوات الأخيرة، نرى مجلة "إكسير" فنفهم الذي يحدث، نُطالع "البعيد الإلكترونية" اليوم والربط الذي تُحدثه بين كُتّاب العربية، بمختلف جنسياتهم، فنفهم الأمر! إن النضال قد بدأ، ولكنني، بهذه الكتابة، أدعو الناس، الكُتّاب، أن يُمارسوه بوعي، أن يعوا وجوده، الأهم: أن يفهموا القواعد التي قام ببنائها هو ذاته، وهي قواعد تتأسس على الشاعريّة أولاً وأخيراً، أي بالكيفيّة التي ينمو بها الشعر في ذهن الشاعر، أو ـ إن أردنا تمثيلها طبيعيّاً ـ بالكيفيّة التي تنمو بها الأشجار وتتوالد بها الطبيعة وتتطور كائناتها: بحُريَّة!
لقد رأينا، مثلاً، قدراً هائلاً من الاستقلالية التي يتمتع بها الأفراد داخل هذه الحركة الكونيّة، الانفصال عن بعضهم البعض كما قال هيرمان هيسّه، والمعرفة التي يمتلكونها، كتب على لسان "دميان" في العام 1914: [أكاد أُحس منذ الآن الصراع المقبل. صدقني إنه قادم، وسريعاً جدَّاً. لن "يحسّن" العالم بالطبع. وسواء قضى العمال على أصحاب المعامل، أو شنَّت ألمانيا الحرب على روسيا فإن هذا لن يعني سوى تغيير في الملكيّة. ولن يكون ذلك كله دون طائل؛ إنه سيكشفُ عن إفلاس المثل الحالية؛ ستحدث إزالة تامّة لآلهة العصر الحجري. العالم، في الحالة التي هو عليها الآن، يحتاج إلى أن يموت، يحتاج إلى أن يفنى؛ وسوف يحدث ذلك.
ـ وما الذي سيحدث لنا أثناء هذا النزاع؟
ـ لنا؟ ربما انتهينا فيه. نوعيتنا يمكن أن تُقتَلَ أيضاً. الفارق، فقط، هو أنه لا يمكن الانتهاء منَّا بسهولة. ولكن حول ما يتبقَّى منَّا، حول الذين سيتمكنون من البقاء أحياءً، سوف تتجمّع إرادة المستقبل، إرادة البشريّة، التي هتفت قارتنا الأوربيّة بسقوطها منذ زمن تحت وطأة سعار التكنولوجيا. سوف تتقدّم إلى المقدّمة من جديد. وعندها سيتبين أن إرادة البشرية ليست في أي مكان ـ ولم تكن من قبل أبداً ـ متطابقةً مع مجتمعات العصر الحاضر ودوله وشعوبه ونواديه وكنائسه. أبداً. إن ما تريده الطبيعة من الإنسان مكتوبٌ بشكلٍ راسخ في الفرد، فيكَ وفيَّ. إنه راسخ في يسوع وهو، أيضاً، راسخٌ في نيتشه. هذه التيارات ـ التي هيَ وحدها المهمّة والتي هي، بالطبع قادرةٌ على اتخاذ أشكالٍ مختلفة كل يوم ـ ستجد متنفساً لها حالما تنهار المؤسسات الحالية](5)، لقد قالها هيرمان: التيارات القادرة على اتخاذ أشكال مختلفة كل يوم!
ومن القواعد أيضاً عدم التنظيم، وإبادة الهياكل التنظيميّة القديمة التي كانت تتحكّم في العالم القديم؛ سواء أكانت هرميّات سياسيّة، جيليّة، أخلاقيّة، اجتماعية، دينية... الخ. كذلك لم تعد مهمّةً أسئلةٌ على شاكلة: أين بدأت هذه الحركة؟ ومن هو المؤسس؟ ما هي جنسيتها؟ ما هي لغتها الرسميّة؟ من هو الرئيس ونائب الرئيس وأركان حربهما، ما هي مخططات المستقبل؟... الخ. نرى كذلك أن هذا النضال سلمي إلى أبعد حدٍّ من الممكن للسلم أن يَصِلَهُ، ولكن استخداماتها الآن من أجل استمراريّة العالم القديم، بحروبه ودوله وأديانه ومآسيه، هو ما يجعلها فتّاكة، وهو ما يجب النضال ضدَّه.
ولكن أصبح اللقاء ملحّاً، اللقاء الواقعي يُثري الأفكار ويوسّع من مواعين الأدوات والأساليب المُستخدمة في المعارك الكتابية. ومن هنا، أليس من المهم أن نشبّك ما بين جميع الكيانات المُكوِّنة للحركة الشعرية، الفرديّة منها والجماعية، للحصول على دعمٍ ماديٍّ يُشجّع السفر بين المدن والبلدان ويُخرِّب على العالم القديم تأشيراته وخططه المُدمّرة؟ محطات اللقاء كثيرة، عنّا نحن في السودان سنحاول أن نزور ما نستطيع من مدن السودان، وأن نقوم بنَكتِ الأفراد المنفصلين عن بعضهم، ملاك المعرفة، الذين يوجدون اليوم في كلّ زمانٍ ومكان.
يبقى أن أختم بأن الحركة الشعريّة لم تتوقّف في يومٍ من الأيام، ولكنها، بين حينٍ وآخر، تدخل مرحلة الكمون، فتقوى شوكتها، واليوم مُختلفٌ عن الماضي لأن الجميع يكتب، أصبحت الكتابة "فعلاً يوميّاً وجزءاً من العيش، كشرب الماء!".
الخرطوم – 6 سبتمبر 2015
ــــــــ
ـــــــــــــــ

هوامش:
(1)           في (كتاب الطبقات) تعبير عامي في (رخّس الدنيا). وقد حولناه لفصيح. ص 312.
(2)          من كتاب (البطاحين: تاريخهم، شِعرهم، شعراؤهم)، ميرغني ديشاب، عن الطيب محمد الطيب.
(3)           نفس المرجع السابق
(4)           مصطفى محمد أحمد الصافي ـ جريدة أجراس الحرية ـ 26/10/2010م.
(5)           (دميان)، رواية لهيرمان هيسه، دار ورد، ترجمة ممدوح عدوان.

* الخيوت: الخيوط

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الأغصان: حول إيضاحات الشاعر عاطف خيري لنصوصه القديمة

تنقيب الظلام الأغصان (حول إيضاحات الشاعر عاطف خيري لنصوصه القديمة) مأمون التلب يقول شاعرنا محمد المهدي المجذوب [1] : [نعم؛ في جانب مني شيخٌ حاسرُ الرأس من فقراء السودان (...) ولقد تعلَّمت من الشيخ الذي فيَّ أشياءَ كثيرةً، أولاً الخدمة، ولم تكن لي عنده مكانة خاصة تميِّزني عن الآخرين، (...) وكان يأمرني بتجويد الخط، والدراسة لا تنقطع؛ كل لحظةٍ امتحان، (...)، ولكن نفوري السِّري من ابن مالك كان شديداً، وكنت أستثقل الحريري سراً، فإذا وجدتُ فرصةً ـ وما كان أقل الفرص مع المراقبة الشديدة ـ خلوت إلى نفسي ألعب بالطين، وأرتد طفلاً حقيقياً يتحدث ويلعب مع نفسه الصغيرة التي ذابت في نفوس الجماعة الصارمة. وكنت أرى في الطين حصوناً وأناساً يتحركون، وكان يداخلني من هذا فرح لا يوصف. ولا أعلم كيف علم الشيخ بهذا العبث فلم يرضه، قال إنه لَهْوٌ مضيعة للوقت، وانفرد بي شيخ آخر فقرَّعَني على هذا الخروج، وحَدَس أنني سأكون مارقاً وكذا كذا، وحَوْقَلَ واستغفر، فهالَنِي ذلك وأفزعني، وجاء يوم كتبت فيه بيتين من الشعر على جدار، وقرأهما المعلم، ورأيت الانبساط في وجهه ولكنه أنكر المعنى؛ وكا

سيَّارة الثورة: مواليد الثمانينات حيفهموني قاصد شنو - الكاتب مجهول

سيَّارة الثورة: مواليد الثمانينات حيفهموني قاصد شنو - الكاتب مجهول مقدّمة طينيّة: سيَّارة الثورة التكنولوجيّة (1) كم من الوقت انتظرت لأكتب عن هذا النص العجيب، والذي لم يُعرَف كاتبه إلى الآن، وربما يتعلَّق الأمر بالظروف والملابسات التي نُشر فيها هذا النص الطريف جداً والتراجيدي بهاويةٍ سوداويَّةٍ مُضحكة. أفهم، كما كتبت كثيراً من قبل، والكثيرون من قبلي، أن اتصال الإنسان مع أخيه الإنسان اندلع مع ثورة التكنولوجيا. ولكن لننظر إلى الثورة التكنولوجيّة الرابطة لأجزاء العالم بطريقةٍ أخرى، فبينما كان الرابط في الماضي عن طريق الحروب والاستعمار، رست السفن قبلهما، وأطلّ القطار مؤخراً، ثمَّ طارت الطائرة. لننظر لانطلاقة الثورة من بدايات القرن العشرين كـ(غِيْر) السيارة، وهو ما سأصل به لما ميَّز جيل مواليد الثمانينات. على الأقل في السودان. تنطلق السيارة في الغير رقم 4 بلا كابح وبسلاسة لانهائيّة، وهي المرحلة التي دخلت فيها الثورة التكنولوجيّة سوق التنافس الرأسمالي العابر للقارات. ففي العصر الذي يسمع به الناس بالتلفاز ويصلهم بعد مُختَرِعيه بعشرات السنوات، ولفئةٍ محددة جداً من البشر.

Life weapon’s dictatorship - By: Mamoun ElTilib

Life weapon’s dictatorship By: Mamoun ElTilib Translated By: Ibrahim Jaffar Introductions: ( Tayfara was a military slave of the Cavalry Divisions (the Divisions of Knights) which was relegated to the Sheiks-ministers of Hamaj .   He presumably has been enslaved during one of the sieges of Rajab to the Nuba Mountains within the course of his campaign against Kordofan, for he reached the age of reason in the era of Nasser wad Idris .   Imaginatively, we would correlate Tayfara’s memories of childhood with those of Dogalo Doguendan Ari ; a Nuba boy of the next generation who, like Tayfara, has been, as a young boy, enslaved and taken from his native land.   Dogalo , as a young man in his far-off exile, has vividly lived the memory of his homeland that has been sustained within his soul as a minute world of landscapes, distant and diminutive shapes; young kings wearing jewels and straddling horsebacks; steppes of azure color of bubbly plant under the pur